منذ أحداث يناير 2011 وجميع الأطراف اللاعبة تفتقد لخصومة الفرسان وتتخذ من شعار ( إذا خاصم فجر ) شعارا لها وفلسفة ثابتة لاستئصال خصومها حتى بدون مراعاة لأخلاق الفرسان .. لايستثنى من ذلك أحد سواء أكان من الثوار أو الإخوان أو جماعات الإرهاب أو السلطة .. فالكل يفعل كل مافي طاقته لتشويه الآخر بالحق وبالباطل ودون اعتبار لأية معان انسانية أو أخلاقية
وقد أعجبني هذا المقال القصير وأتمنى من حضراتكم أن تقرأوه لمواجهة هذه الظاهرة الأخلاقية المدمرة لكل معاني الانسانية :**
# **فيض المشاعر / خصومة بلا شرف
مبارك صنيدح**
# **القافلة تسير وهي محملة بالتعب .. وأحزان حتى حين يغمض الليل عيونه ، ويسدل جفونه ، ولا احد يستطيع ان يقدر ساعات استيقاظ الضمائر ، وساعات نومها ، وداخل الذهن حروف مستعبدة تتشوق الى الحرية لتنقش بخط عريض ( شرف الخصومة ) على المشهد السياسي الذي اختزن الكثير من الأحقاد والبغض والفجور في الخصومة .
( شرف الخصومة ) من ثوابت القيم العربية في الجاهلية والإسلام .. وأبو جهل رفض ان يُكسر الباب في محاولة قتل الرسول عليه الصلاة والسلام ، وقال قولته المشهورة ( لا تتحدث العرب ان ابا الحكم عمرو بن هشام رَوع نساء محمد ) .. لكنها تغيب عن مشهدنا السياسي ويتسيد الساحة مكر هرمونات الخصومة حين تمكر ، وتجمع حجارتها من السباب والشتائم والتنابز بالألقاب ، وترجم خصمها وتلوك سيرته بألسنة حداد ، وتخوض في عرضه ، وماله ، وتهتك أستاره ، وتفضح ما أمر الله بستره .. وتبحث في معاجم اللغة عن أقبح المفردات وأشنعها التي تصب في الآذان ، وتحط من الكرامة ، وتثير السخرية عليه بعبارات تسير بها الركبان ، وتفرح بالفضائح ، وصورها وفي سباق محموم على نشرها في سوق همجي يعج بمروجي احاديث الإفك ، ويمتلكون المسامير الصدئة التي تدق في نعش الخصوم ، وسط عيون شمتت ، وعيون بكت ، وعيون توسلت .. وهم يفتخرون بخصلة النفاق ( اذا خاصم فجر ) ويفاخرون ، وهم يرتمون في أحضان السيوف خارج أغمادها في داحس ، والغبراء يشحنون الغضب ولم يتركوا للصلح موضعا.
للخصومة مواثيق شرف لا يعرفها الا الفرسان ولعل ( شعرة معاوية ) أصبحت نبراساً للأحكام السياسية التي تضع للخصومة نهاية وهي تحاول العثور على خيوط غير محرجة لتهيئ لنقاط التوافق .. ولكن المشكلة الحقيقية تكمن ان الشرفاء ، ومستودع الرعاع شركاء في الفجور في الخصومة ، والحزام الذي يحمل خناجرها مشدود بقوة حول خواصرهم لتشويه آداب التخاصم وتنقية الضمير مما قد يتبقى من شوائب لاصقة تتحدث عن شرف الخصومة.
لابد من معسكرات تأهيل للخصام والنكد والفجور في الخصومة ويتعرفوا على منهج الكاتب والشاعر الفرنسي فولتير ( اني مستعد ان أموت من أجل ان أدعك تتكلم بحرية مع مخالفتي الكاملة لما تقول ) .. وقبل ذلك كله يتخلقوا بأخلاق الدين الحنيف ( ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ) .**
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق