الشيخ خليل يصف القرآن بالأسيطرات .. ؟؟



محمد شعبان الموجي 


^ الشيخ خليل الشيوعى يكاد يتميز من الغيظ لأن أحدا من الكتاب الذين ينـــــــــــــــــــــادون ( بتاريخية النصوص الشرعـية ) لم يتعرضوا قبله لأوضاع المجتمع فى المدينة المنورة ( أو مجتمع يثرب حسب تسمية المنافقين ) بالقدر الكافى لتأكيد انتهاء(صلاحية القرآن الكريم والسنة المطهرة ) .. يقول بالحرف الواحد فى مقدمة كتابه المسموم ( مجتمع يثرب ) : (( والحق أن عجبى لاينقضى ودهشتى لاتنفذ وحيرتى ممتدة ممن يعرضون عن التفرس فى ذلك المجتمع والتحديق فيه وتمحيصه وتأمله وتفليته فى دقيقه وعظيمه فى صغيره وكبيره فى نحيفه وغليظه فى سمينة وهزيلة ..خآصة من جانب الذين ينادون ب ( تاريخية النصوص ) وبلزوم ربطها بأسباب نزولها ومناسبات ورودها لأنها تغدو دعوى بلادليل كامل ، وقضية بلا حجة مقنعة وادعاء بلا برهــــــــــــــــــان دامغ ..الخ )) !!

ثم يضيف قائلا : (( ولكن عندما نضع ذلك المجتمع تحت المجهر ونسلط الأضواء الكاشفة عليه ونبرزه ونقدمه كما رسمته كتب التراث ذاتها نكون قد قدمنا دلائل الثبوت على أفكارنا وطروحاتنا ( المتعلقة بتاريخية النصوص وانتهاء صلاحية القرآن والسنة ) .. وساعتها ينقمع المناوىء وينخنس المعارض ويتوارى المشاكس وينكسف المعاند )) !!

^ والحقيقة أن ماقدمه الشيخ بعد ذلك من دلائل الثبوت .. أتفه من أن ينقمع بها مناوىء أو ينخنس بها معارض .. بل إن تلك الدلائل التى تثير الضحك الذى هو كالبكا والتى دارت حولها كل كلمة فى الكتاب المشبوه تنقض فكرة تاريخية النصوص من أساسها لماذا ؟؟

أولا : لأن تاريخية النصوص تعنى أول ما تعنى فى ميزان العقل والمنطق .. نجاح تلك النصوص أو ملاءمتها على أقل تقدير فى فترة الصلاحية التاريخية للنصوص .. والتى انبثقت من حنايا الضرورات التى كانت تفرض نفسها على المجتمع حينذاك .. وتتماشى مع أوضاعه ، وتتشابك مع ظروفه وتتصل بموجباته وتتعلق بأحواله وتتوثق بإكراهاته كما يقول الشيخ خليل .. ولذلك كان المنطق والعقل يفترضان على الشيخ خليل أن يكون بحثه فى الفترات الزمنية اللآحقة ( لفترة الصلاحية ) .. وليست فى ( فترة الصلاحية ذاتها ) .. وهو مايؤكد أن لدى الشيخ قناعات فكرية وتاريخية بعدم جدوى تلك النصوص أصلا .. واعتبارها بضاعة فاسدة من أول يوم تنزلت فيه كقرآن يتلى على محمد صلى الله عليه وسلم .. إذ لم تثبت صلاحيتها فى تغيير أحوال المجتمع ولا حتى فى الفترات الأولى لنزولها كما يؤكد الشيخ فى كتابه .. مما يهدم أصل فكرة ( تاريخية النصوص ) التى يلوكها الشيخ وأشباهه دون أن يفقهوا لها أى معنى ‍‍!!

^ وبمعنى آخر أكثر وضوحا .. يؤكد الشيخ فى كل كلمة من كتابه المسموم .. على فشل نصوص القرآن والسنة فى اصلاح المجتمع فى أى فترة تارخية كانت .. حتى فى الفترة التاريخية التى كان يقيم فيها النبى صلى الله عليه وسلم بين ظهرانى المجتمع .. فالنبى صلى الله عليه وسلم - حسب زعمه - قد أخفق فى إصلاح المجتمع اللهم إلا مع عشرات المحيطين به .. ولكن القاعدة العريضة ظلت محتفظة بأنساقها وعاداتها لاتتغير إلا إذا تغيرت ( ظروفها المادية مثل طرق الإنتاج وأدواته ووسائله ) ؟؟

^ لكن الشيخ خليل الذى يؤكد على أن الحل لإصلاح المجتمع والقضاء على الزنا ومقدماته فى المجتمع .. ليست نصوص القرآن والسنة .. وانما لايتأتى ذلك إلا بتغيير طرق الإنتاج وأدواته ووسائله ؟؟ .. والحقيقة أن هذا الكلام الشيوعى الفارغ ليس له أساس من الصحة .. ولو كانت عند الشيخ شجاعة أدبية فليتفضل بضرب أمثلة حية على مجتمعات بشرية تغيرت أخلاق أفرادها واختفى فيها الزنا والإنحرافات الجنسية والرغبة فى التماس والمفاخذة والمعافسة والتشوق إلى الوطء .. عندما تغيرت طرق ووسائل الإنتاج فيها .. ربما يقصد المجتمعات الشيوعية التى تغيرت فيها طرق ووسائل الإنتاج .. حتى أصبحت وسائل وطرق انتاج الأولاد فيها على المشاع واصبح التماس والمعافسة فيها بكيلو تفاح أو بنطلون جينز أى والله العظيم !! .. وربما يقصد مجتمعات أخرى لانعرفها الله وحده يعلم ‍‍!!

ثانيا : لم يحدد الشيخ طبيعة تلك النصوص التى فقدت صلاحيتها .. أوتلك التى سقطت حيثاتها واختفى ظرفها التاريخى المناسب الذى أوجدها والذىقضى بوجوبها وتعلق بأحولها وتوثق بإكراهاتها .. وهل تحت الحصر أم لا .. لكننا نستطيع أن نستنتج بسهولة أنه يقصد هنا بلاشك .. آيات تحريم الزنا ومقدماته وتحريم الإختلاط الفاحش والقبلات والأحضان والخيانة الزوجية إلى آخر تلك الضوابط والقيود الأخلاقية التى فرضها الإسلام على الرجال والنساء قد فقدت صلاحيتها .. إذ أن كل كلمة فى كتاب الشيخ ( مجتمع يثرب ) تؤكد يقينا على أنه يقصد انتهاءصلاحية تلك الآيات .. طيب الحل إيه ياشيخ خليل .. طبعا دعك من هذا الحل الخايب الذى قدمته والمتعلق بتغيير أدوات وطرق ووسائل الإنتاج .. الحل إيه ياشيخ خليل إذا كانت النصوص الشرعية المنزلة من السماء قد فشلت - حسب زعمك فى ( كتابك المسموم ) فى إصلاح المجتمع حتى فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم .. أقول لكم أنا ما هو الحل الذى يراه الشيخ من خلال مقال نشرته جريدة الأهالى فى أعقاب الإعلان عن مؤتمر بكين .. الحل هو أن ( يكفى المسلمون على الخبر ماجور ) ويتلهوا على عينهم ويتقبلوا أحسن لهم كل مقررات مؤتمر بكين التى تبيح الزنا والشذوذ واللواط وتغيير أنماط الأسرة .. لأنها لاتختلف كثيرا - حسب زعمه الفاسد فى كتاب مجتمع يثرب - عما كان سائدا فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم !! وفى هذا أيضا ما يحمل دليل بطلان دعوى تاريخية النصوص .. إذ أن الظروف والأحوال والإكراهات التى هيأت الأمور إلى إنتشار الزنا والتماس والمفاخذة والمباضعة والخيانات الزوجية فى مجتمع يثرب منذ أكثر من أربعة عشر قرنا هجرية .. هى نفسها مازالت موجودة وهى نفسها التى تدفع الحكومات إلى اتخاذ القرارات التاريخية فى مؤتمر السكان ببكين فى أواخر القرن العشرين .. وهو مايؤكد كذلك على أنه لايوجد اختلاف بين مجتمع يثرب ومجتمع بكين من حيث الرغبة فى التماس والمباضعة .. رغم التغير الشاسع فى وسائل وأدوات الإنتاج !!


ثالثا : ويتخذ الشيخ خليل وشركاه .. من نسخ بعض أحكام الكتاب والسنة وهى قليلة جدا .. مدخلا لنسخ الكتاب كله والإدعاء (بتاريخية النصوص ) دون أن يعى معناها .. مع أن النسخ ( أو تاريخية النصوص ) لايجوز فى ميزان العقل - ولا أقول ميزان الشرع - أن يقع فى الأخبار كالقصص ولا على الأمور القطعية العقلية مثل ان صانع العالم موجود ولا على الأمور الحسية مثل ضوء النهار وظلمة الليل ولا على الأدعية ولا على الأحكام التى هى واجبة نظرا إلى ذاتها مثل آمنوا ولا تشركوا ولا على الأحكام المؤبدة مثل ( ولاتقلبوا لهم شهادة أبدا ) ، ولا على الأحكام المؤقتة قبل وقتها المعين مثل ( فاعفوا واصفحوا حتى يأتى الله بأمره ) .. النسخ أو ( تاريخية النصوص ) لاتــكون إلا فى بعض الأوامر والنواهى التى تتعلق بالجزئيات الفرعية ‍.. ولاتكون كذلك إلا فى زمن الوحى ..لأن الدين قد اكتمل وفقا لما قرره القرآن الكريم بشكل قطعى حاسم .. { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا } وفى الحديث الشريف { اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم } بالإضافة إلى العديد من الآيات والأحاديث التى تقرر تلك الحقيقة .. والتى لايجوز فيها النسخ لاعقلا ولاشرعا لأنها خبر عن الله عـــزوجل !! 
الشيخ خليل لايؤمن بالغيب ؟؟ 





خليل عبد الكريم 

^ لكن الشيخ خليل وشركاه لايقفون عند هذا الحد الإلهى ولاعند تلك الحقيقة القرآنية .. بل يقولون إن التاريخ والتطور البشرى قد نسخ كثيرا من آيات الكتاب والأحاديث الشريفة إن لم يكن كلها .. بعد أن أدت دورها .. رغم أن الشيخ فى كتابه يؤكد كما قلنا على أن تلك النصوص أخفقت فى عز مجدها من تحقيق شىء يذكر .. والشيخ خليل وشركاه يعتقدون بأن التطور التاريخى والإجتماعى .. قد نسخ اصول العقيدة الإسلامية ذاتها ؟؟ بل ونسخ أساس الأساس فى تلك العقيدة ؟؟ .. ألا وهو الإيمان بالغيب .. حيث يقول عنه ( والغيب الذى له من اسمه نصيب ) يعنى بعد حذف نقطة الغين .. رغم أننا ذكرنا فى مقال سابق أن الغيب هو الحقيقة التى يسلم بها العقلانيون والعلميون .. ثم إنه من المسلمات العقلـية أن الغيب هو مناط الإيمان .. إذ أن الإقرار بما تدركه الحواس لايسمى ايمانا أصلا .. وانكار الغيب هو انكار لوجود الله عزوجل بادىء ذىبدء .. والإستهزاء بالغيب استهزاء بالله عزوجل .. وانكار صريح لأصول الإيمان .. إذ أن الله غيب .. والملائكة والرسل والكتب السابقة واليوم الآخر غيب .. ولنقرأ الآن ماكتبه الشيخ خليل فى مجلة اليسار عدد يناير 1998 والذى يؤكد على كل كلمة نقولها .. حيث يقول : (( ومع ذلك ونحن على مشارف القرن الواحد والعشرين مازال هؤلاء البهاليل - وهم يتربعون على قمة أخطر مؤسسة فى المحروسة - يعيشون بعقلية القرن السابع الميلادى ويلوكون ثقافته المعجبة ويتحدثون بلسانه ويتكلمون لغته ويرددون إسيطره فيكتبون عن كائنات غير منظورة - لم يرها أحد حتى الآن - تتشكل كما تريد وتأتى بالمخاريق ةتفعل الأعاجيب وتتلبس من تشاء من خلق الله فتأمره أن يرتكب المنكرات فيذعن ويطيع ولايعصى لها أمرا )) .. وللأسف ينشر هذا الهذيان والضلال المبين دون أن يلتفت إليها مسئول من أولئك الذين يقلبون الدنيا من أجل خبر أو صورة .. وهكذا يصف الشيخ خليل القرآن صراحة ( بالأسيطرات ) متفوقا بذلك على كفار قريش الذين كانوا يصفون القرآن بالأساطير ( وليس الأسيطرات ) .. وبأنه ثقافة معجبة .. وبالضرورة فإنه إذا جاز لنا أن نكفر بوجود عالم غير مرئى من الشياطين تحدث عنه القرآن فى أكثر من 86 آية .. فيجب كذلك أن نكفر بالملائكة وبالوحى وبجبريل أمين وحى السلام لأن أحدا لم يرى الملائكة .. بل لابد أن نكفر بالله عزوجل والعياذ بالله .. لأن أحدا لم يرى الله جهرة .. وفى نهاية مقالىهذا فإننى أود أن أؤكد أن الهدف من تلك المقالات ليس الدخول فى محاورات مع الشيخ وأشباهه .. وإنما بغرض إظهار الحق وإجلاء الحقيقة ليعلم القارىء حجم الأزمة الأخلاقية والإيمانية التى يعيشها أعضاء هذا الحزب الذى يحدثنا كبيرهم كل اسبوع عن صحيح الدين { أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون } !! 



والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، 

بقلم : محمد شعبان الموجى
TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق


الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *