العرب يحاربون أربكان ؟؟
بقلم محمــد شعبان الموجــى
مهما تعددت الأيدلوجيــات الفكريـة و المذاهب السياسية لأنظمـة الحكــم العربيــة .. و مهمــا تباينت الاتجاهات الشخصيـة و الفكرية لحكامهـا .. من ثوريين إلـى راديكاليين إلــى تحديثيين ( وهو اسم الدلــع للحكام اللآدينيين التابعين للشيطان الأكبــر ) .. إلـى آخــره .. كــل هذه النظم الحاكمـة و كل هؤلاء الحكام يجمعهــم شــىء واحــد... هو العداء للإسلام و للحركات الإسلاميــة .. و بالتحديــد لكل محاولات الإسلاميين الدؤوبة (( لتجديد فهم البشر لآخـر الرسالات السماوية على النحــو الذى يجعــل حياتنــا المعاصــرة بتفاصيلهــا المتعددة و المتغيرة تجد تنـظيمهــا الأوفــق فـى اطارهــا .. وجعل الإسلام بمثابــة عنصــر بارز و فعال فــى البـنـيــة الأيدلوجيــة للنظم الحاكمــة )) .. ولتنظيــم أوجــه الحيــاة بعيــدا عــن النظريــات اللآدينيـة و الإلحاديــة .. و انتزاع الأمــة من حالة التبعيـة الكاملة للغرب الصليبيـى فى كآفـة المجالات ؟؟
^ومظاهــر هــذا العداء الأعمــى للإسلام ذات الفاعليـة الحياتيـة .. و لأبنــاء الصحوة الإسلاميــة النشطاء .. على المستوى الداخلــى كثيرة وواضحـة و معروفـة لكل عآمـة الشعب .. و يكفــى أنــه و منذ اللحظـة الأولــى لثورة 52 المباركــة بل وقبل الثــورة أيضــا .. وحتـى من قبــل أن تـعرف مصر أحداث عنف سياسـى جمعــى ..فـتحت الملفات الأمنيــة للشيوخ و الشباب الغض و لكل متديــن عرف طريقــه إلــى المسجد .. و صار كل وزير للداخليـة فـى أى من الدول العربيـة عمومـا، و مصر على وجــه الخصوص .. يرى مستقبله السياسى منوط بـمقدار ما يبديــه من مكــر و خداع .. للإيقاع بالفريسة .. و بمقدار ما يـظهره من قساوة و غلظــة أو قدرة على الفتك بخصومــه من أبناء وطنــه ودينــه .. ؟؟
^لكن الأدهــى من ذلك و الأمــر .. هــو امتداد مظاهــر ذلك العداء وانعكاسـه.. إلــى خارج المجتمــع العربـى ..سلبا علـى طبيعـة وشكل العلاقــات السياسية و الإقتصاديـة و الدبلوماسيــة مــع الدول الـتى تحاول تنظيــم حياتها وفقا لشريعة الإسلام .. ( بصرف النظر عن مدى نجاحها أو إخفاقهــا فـى ذلك ) .. و جعل الإسلام كما قلنا عنصرا بارزا و فعالا فـى البنية الأيدلوجيــة الحاكمــة .. حتــى لو خسرت الدول العربيــة الكثير من المكاسب السياسية و الإقتصاديـة و العسكريـة بـمقاطعــة تلك الدول لاأسباب مفـتعـلــة .. ويكفــى أن ايران هـى الدولة الوحيــدة التــى لا تربطهــا بمصر علاقات دبلوماسيـة .. ومهما قيل عــن رعايـة ايران لعناصــر الإرهــاب (( و هـو كلام أمريكانــى صهيونــى )) .. فإن علاقتنــا بالكيان الصهيونــى المجرم ينفــى أن يكون الإرهــاب سببا حقيقيــا ومبررا أساسيا لقطــع العلاقات مــع الدول .. بــل من المضحكات المبكيات أن القيادة المصريـة مثلا توجــه الإتهامات صراحـة إلــى ايران بالإســم .. أمــا حينمــا يتعلق الأمــر بالكيان الصهيونــى .. فإن القيادة المصريــة تحاول التلميــح فقط وتوجيـه عتــاب رقيـق إلـى إخواننــا الصهاينــة من بعيد لبعيــد ..؟؟
^و هذا الأمــر ليس بالجديد .. فمنذ قيام ثورة 52 المباركــة .. و علاقتنــا بالهنــد الهندوسيـة مثــلا ..أقوى ألف مرة من علاقتنــا بالباكستان المسلمــة .. حتــى أن الكاتب الكبير حسنين هيكل فـى معرض مقابلتــه لأنديرا غانــدى .. أعرب عــن فرحتـــه بانتصار الهنــد الهندوسية علــى الباكستان المسلم حيث قال بالنص الواحــد فـى أهرام 4 / 3 / 1973 : (( لقد حققت الـهنــد نجاحــا استراتيجيا كبيرا .. كان لها عدوان باكستان و الصين .. و قد استطاعت أن تصفـى حساباتها مــع باكستان فساعدت علـى استقلال شرق باكستان و تمكنت فــى الوقت نفســه من توجيــه ضربـة عسكريـة إلـى غرب باكستان .. و هكذا تخلصت الهند من كابوس الخطر الزاحف عليها من جبـهـتـين )) ؟؟
^ثــم امتــدت مظاهر عداء النخبــة السياسية فـى مصر و العالم العربــى للإسلام النشط .. إلــى توظيــف قضيــة الإرهــاب وتدويـلهــا .. لتـقـويض حركات التحرر الوطنــى والجهاد المسلح داخل فلسطيـن .. على النحــو الذى رأينــاه فــى المؤتمـر الماسونـى الإستعمارى فــى شرم الشيخ .. والإصرار علـى عقــد مؤتمــر آخــر لـمحاربة الإرهــاب .. رغــم أن مصر و العالم العربــى لا يعانــى من مشكلــة إرهــاب حقيقيــة تستدعــى كــل ذلك النشاط المحموم فأحداث قتل الأزواج والآباء و الأبنــاء تفوق من حيث البشاعة و العدد أحداث الإرهاب السياسـى .. بل إن معظم حوادث الإرهـاب فـى الصعيـد مثلا .. حوادث عاديـة هدفها الحصول على السلاح ؟؟
^ثــم كانت الطآمــة الكبرى عنــد تلك النخب الحاكمــة .. حينما فــاز حزب الرفــاة الإسلامـى التركــى و نجح أربكان فــى تشكيـل الحكومــة التركيــة لأول مرة منذ سقوط الخلافـة الإسلاميـة ..والذى كان بـمثابـة الـهزيمــة الكبرى للمشروع الحضارى للعلمانيين .. ورغــم أن البعض يحاول التشكيك فــى إسلاميــة الرجــل .. لمجرد بعض التصرفات التكتيكيــة .. إلا أن مافعــله أربكان فــى توجهاته نحــو الدول الإسلاميــة .. و عقده اتفاقات كبيرة مع ايـران فـى ذات الوقت الذى فرض فيـه الشيطان الأكبر و عدو الإسلام الأول فـى البيت الأبيض عقوبات مجحـفـة علـى ايران .. ثــم محاولاتــه التقرب من العراق وغيره من الدول الإسلاميــة للتخلص من حالة التبعيـة الـمخزيــة التى أدمنهــا البعض .. أو الغوغائيــة الكلاميــة الفارغـة عـن الوحدة العربيــة أو الوحدة مــع مالطة و ايرلنــدا الشماليـة وكوبــا ؟؟
^لقــد تصرف أربكان .. كرجــل مسلم يجمــع بين القوة و التحضــر و الواقعيــة .. لكن النظــم الحاكمــة فـى بعض الدول العربيــة لــم تكتف بالتعامل معـه بسلبـيــة و بلادة حــس و استسلام لحالة التبعيــة للغرب الصليبــى ومراعاة مشاعر الأمريكان .. بــل تلقــى أربكان من تلك النظــم الحاكمــة الكارهــة للإسلام ذات الفاعليــة .. و التى لا تطيق رؤيــة نموذج واحد ناجح لدولـة لها توجهات إسلاميــة .. تلقــى أربكان عدة ضربات غادرة كادت تودى بحياته السياسيـة إلـى الأبــد و لكن اللـه سلم .. فبينمــا كان أربكان يكافــح من أجــل إلغــاء الإتفاقية العسكريـة مـع الكيان الصهيونــى .. أعلنت الحكومـة المصريـة من داخل تركيــا ووسط دهشة المراقـبـيــن .. أن الإتفاقيــة لا تمثــل أيــة خطورة على العرب .. مـع أنهـا بالفعل تشكل أخطارا جسيمـة على امتنــا .. حتـى ولو كانت اتفاقيات تدريب عاديـة .. بل و من مصلحتنا أن ندعـى ذلك و لو كان على غير الحقيقـة ؟؟
^ثــم كانت اللطمــة الأخيــرة التى وجههـا لــه صاحب النظريـة الثالثـة و الكتاب الأخضرانــى و التــى خرج فيــها عــن حدود اللياقـة الدبلوماسيـة .. حينما أدان موقف تركيــا من قضية الأكــراد أثنــاء المؤتمر الصحفــى المشترك .. على اثر زيارة أربكان لــه .. علــى الرغــم من الضغوط التــى واجههــا أربكان نفســه لإتمام تلك الزيارة مــع دولــة تعانــى من العزلـة و الإضطهاد .. لكن أربكان نســى عداء الرجل الذى كان ملازمــا فصار عقيــدا فزاد الأمـر تعـقيدا .. للإسلام و للحركات الإسلاميــة .. ؟؟
^علـى العموم لقــد جدد أربكان الأمــل فـى إحياء الخلافــة الإسلاميــة ( لا أقصـد الشكل القديــم لهــا ) .. وهـى الفكرة التى يجب أن نتمسك بهـا إن لــم يكن ذلك لهــدف دينــى .. فعلــى أقــل تقديــر لمواجهـة التكتلات السياسية و الإقتصادية الكبرى .. ولحمايــة هذه الأمــة من الإنقراض .. علــى أيدى النخب السياسية المنكوبــة التى تصر علـى إقامـة الخلافـة الشرق أوسطيـة بديلا عـن الإسلاميـة .. ؟؟
والسلام عليكم و رحمــة اللـه وبركاته ،
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق