جاء مشروع قانون الصحافة الجديد كحلقة فى سلسلة الخداع التشريعى والسياسى الذى تمارسه السلطة فى مصر ضد الشعب لخنق حريته والتضييق عليه .. جآء ليؤكد كذلك من جديد مقولة الممفكر السياسى الكبير حسنين هيكل .. أن نظام الحكم فى مصر أصابته الشيخوخة المبكرة .. ولذلك فطبيعى أن كل ما يصدر عن هذا النظام من تعليمات أو خطط أو برامج أو احتفاليات لابد أن يصدر بشكل وبمضون يكرس حكم الفرد ويروج لمفاهيم الحكم الشمولى وللروح الديكتاتورية البغيضة التى أصبحت فى العالم كله من مخلفات العصر .. إلا عندما نحن والجيران .. ؟؟
ولأن الفساد يكمن فى بنية النظام ذاته ..وفى نخاعه .. لا فى الأداة المنفذة له ، ولا فى وسائل التفيذ .. فإن التشريع أول ما يتأثربذلك .. والتشريع فى مصر يمر حقيقة بمحنة كبرى .. ربما تعكس بعض آثارها .. أحكام المحكمة الدستورية العليا ببطلان العديد من أهم القوانين المنظمة لحياتنا التشريعية والمالية .. والتى استمرت الحياة فى ظلها عدة سنوات ؟؟
وآفة التشريع عندنا أنه يخضع لتوجيهات الحاكم .. ويفصل بالمسطرة لخدمة الحاشية ولحماية الطبقة الحاكمة .. حتى أن بعض هذه القوانين صدر فى غضون ساعات وفى ظروف أشبه بظروف ارتكاب جريمة كما يقول هيكل .. ولايهم بعد ذلك ما يترتب على هذه الجرائم التشريعية من آثار مدمرة على الحريات ولا على ما تحدثه من زعزعة الثقة بالقانون ذاته وعدم احترامه .. المهم أن تنتقم السلطة ولو بشكل مؤقت من خصومها الذين تفترسهم القوانين الباطلة .. حتى لو تم بعد ذلك تغيير أو تعديل تلك القوانين الجائرة .. وهو ما حدث مع ضحايا قانون الصحافة المشبوه على الرغم من تأكيد السلطة بعدم استخدامه ؟؟ وتنويمه ؟؟ وهذه لغة قانونية فريدة من نوعها فى العالم أجمــع ؟؟
لكن السؤال المهم الآن .. لماذا كثرت القوانين المقيدة للحريات ولحية الصحافة بالذات فى هذه الحقبة من الزمن ؟؟
القضية ببساطة أن الله عزوجل قد فتح على الطبقة الحاكمة بالمال الوفير .. وأصبحت الطبقة التى تحكم هى التى لابد أن تمتلك ولو بعد حين .. بينما كانت القاعدة قبل ذلك أن الذى يملك هو الذى يحكم .. ولأن الطبقة التى تملك بعد أ، تحكم غالبا تملك ما لاتستحق .. فلا بد أن تحتاج إلى الحماية القانونية والإعلامية .. ولأنها لابد أيضا أن تحتكر السلطة .. فلا بد أن تحتكر الإنتخابات والبرلمان والأعلام و.. والصحافة .. وربما كان الإعلام والصحافة من أهم الأدوات التى تحرص عليها الطبقة الحاكمة (( لأنها هى التى تقوم بتسليط الأضواء التى تبهر العيون على الفتات المتساقط فى يد القطيع ، وفى الوقت ذاته تقوم بإخفاء معالم الجريمة البشعة التىترتكب فى حق ذلك القطيع .. جريمة تحويلهم إلى سائمة مستباحة وحرمانهم من حقوق الإنسان ومن كرامة الإنسان )) ؟؟
إن أخطر ما فى قانون الصحافة المقترح والقوانين الأخرى .. لايكمن فى النصوص ذاتها .. فهذه يمكن تغييرها بسهولة .. لكن الخطورة الحقيقية تكمن فى الروح العدائية الإستبدادية التى يظهرها ترزية القانون طوعا أو كرها .. والتعامل مع أصحاب الفكر والرأى وكأنهم مثل تجار المخدرات .. يجب عدم اشتراكهم فى مناقشة قوانين الصحافة كما صرح بذلك أحد الوزراء المحترمين فى التليفزيون .. الخطورة تكمن أيضا فى التعامل مع الحرية على أنها من الكماليات أو السلع الإستفزازية .. وعلى أساس أن الصحفيين طماعون ويريدون أكثر من حقهم ؟؟
ولأننا لسنا من دعاة اليأس .. رغم أننا يائسون بالفعل .. فإننا نهيب بمجلسنا الموقر أن يصلح ما أفسده ترزية القانون .. نريد الحرية الكاملة للصحافة .. ونريد حماية القيم وحماية حقوق الإنسان وكرامته .. ونريد حماية أصحاب الرأى والفكر سواء كانوا صحفيين أو غير صحفيين .. ونريد عدم استثناء رئيس الجمهورية من النقد .. نريد أن نعيش الحياة الإيجابية التى يعيشها الغرب فى سياساته الداخلية .. وإذا أراد النظام الحاكم أن ينجو من الشيخوخة المبكرة حقا .. فليس هناك أفضل من دواء الحرية التى وهبها اللـه لعباده .. مؤمنهم وكافرهم .. وياأهل الحكم متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحرارا ؟؟
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق