حتى لاتكون رده ؟؟



يعتبر الحكم الذى أصدرته محكمة جنح أمن الدولة طوارىء الجيزه بوقف تنفيذ حكم الكاتب المتحرش بالإسلام صلاح الدين محسن .. الذى ألف مجموعه من الكتب التى تزدرى العقيده وتسخر من الله ورسله .. أقول إن هذا الحكم غير عادى .. لأنه لم يصدر كتطبيق نصوصى حرفى لمواد القانون .. وإنما استمد حيثياته من المبادىء العآمه ، ومن القواعد الشرعية التى تراعى كآفة الظروف والملابسات التى تحيط بالمجتمع وتترصد به .. فقد جاء فى حيثيات الحكم أن الأصل فى الدستور هو حرية الرأى ، وأن العالم الخارجى يترصد بمصر ، وكان المرجح أن يستغل الحكم الصادر فى مثل هذه القضية للتشهير بها وادعاء أنها ضد حرية الرأى ، وأن وقف التنفيذ ثلاث سنوات جاء لمنع الضرر على المجتمع ، حيث رأت المحكمة أن اضرار تنفيذ العقوبه أكبر من ضرر وقف تنفيذها ، فقد يمكن للمتهم أن يتحول إلى بطل تتردد أقواله بين الناس ، وتنتشر كتبه بين العآمه وتتناولها الصحافه بعد أن كان نكره ؟؟ 

وهذه القواعد التى استند إليها الحكم والتى تراعى المصلحة العآمه والضرورات الإجتماعيه .. مستمدة فى الأٍساس من الشريعة الإسلامية ولها فى السيرة النبوية المطهرة سابقة شهيره .. فحينما اشتد أذى عبد الله بن ابى بن سلول زعيم المنافقين بالإسلام والمسلمين .. أشار بعض الصحابه الكرام على النبى صلى الله عليه وسلم أن يقتله .. إلا أن النبى صلى الله عليه وسلم أبى ذلك بعد أوضح حجته صلىالله عليه وسلم .. وبعد أن بين للصحابه الكرام أن قتل ابن سلول من شأنه أن يسىء لسمعة الإسلام أمام أعدائه ..لأنهم سيقولون أن محمدا يقتل أصحابه .. والنبى صلى الله عليه وسلم كان حريصا دائما على سمعة الإسلام وعلى إبلاغ الرساله إلى البشرية جمعاء مؤمنها وكافرها وإزاحة أى عوائق مادية أو نفسية تحول دون اطلاع الناس على الإسلام .. ليهلك من هلك عن بينة ويحى من حي عن بينه .. إذن فقد راعى صلى الله عليه وسلم البعد الخارجى .. فرجح عدم قتل ابن سلول رغم أنه يستحق القتل .. وأما على صعيد البعد الداخلى .. راعى صلى الله عليه وسلم العصبة الكبيره التى كانت تحيط بعبد الله بن سلول حتى يمنحها الفرصة كاملة فى الإستماع إلى هذا الدين والتعرف عليه أكثر فأكثر .. ولعلنا نذكر أنه صلى الله عليه وسلم قد أصدر عفوا على مئات من أتباع ابن سلول من اليهود الذين نقضوا عهدهم مع النبى صلى الله عليه وسلم .. لهذا السبب أيضا .. والشىء الثالث الذى دفع النبى صلى الله عليه وسلم إلى وقف تنفيذ حكم قتل ابن سلول هو مرحلية القتال والمواجهة التى مر بها المجتمع الإسلامى حيث كان ساعتئذ يمر بمرحلة تحمل الأذى .. وأما بعد تبوك فلم يقدر أحد من المنافقين على إظهار الكفر أو الإساءة إلى الإسلام !! 

إذن جاء الحكم مستلهما حيثياته من قواعد الشرع الحنيف .. محاولا ايجاد حلا للمعادلة الصعبة التى يعيشها المجتمع اليوم .. بين دعاوى اطلاق حرية الرأى والتعبير دون قيد أو شرط والتى ترعاها الدول الإستعماريه الظالمة وأعوانهم فى الداخل من الملحدين والزنادقة .. وبين حماية المجتمع من أذى هؤلاء الزنادقة والملحدين والكفار .. لقد أراد الحكم أن يقول للجميع أن هؤلاء الكتاب الملحدين والزنادقه حتى وإن تشدقوا بدعاوى الحرية والتنوير والإبداع .. إلآ أنهم فى الواقع هم مجرمون حقيقيون .. غير أن الحكم رأى أن تطبيق العقوبه فى حقهم ضرره أكثر من نفعه .. وهذه بلاشك وجهة نظر محترمه .. لكنها فى النهاية اجتهاد لايحكمه النص .. بل اجتهاد يخالف النص !! 

وهنا يكمن الخطر .. لأن قضية الترجيح بين أخف الضررين .. من أصعب ما يكون .. حيث لايحكمها فى الغالب كما قلنا .. قوانين أو نصوص محدده .. بل تعتمد بشكل كبير على تقدير القاضى .. ومن الممكن أن تختلف من قاض لآخر .. فعلى سبيل المثال .. حكمت بعض المحاكم بالسجن على عدد كبير من الصحفيين .. فلماذا لم تضع تلك المحاكم أمام عينها أن الأصل فى الدستور هو حرية الرأى .. مع أن المعتدى عليه هنا كان وزيرا أو مسئولا طلع نزل هو فى النهاية بشر يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق .. ولماذا اختلفت عيون محكمة الإستئناف والنقض التى قضت بردة وكفر د. نصر أبو زيد والتفريق بينه وبين زوجته مع عيون محـكمة أمن الدولة بالجيزه ؟؟ 

وإذا كان الحكم قد توخى الحفاظ على سمعة مصر وحتى لايستغل الحكم للتشهير بها فى المنتديات العالمية .. فلماذا لم تتوخى المحكمة التى حكمت على د. نصر أبو زيد أو مجدى حسين أو غيرهم من الكتاب و الصحفيين .. على الرغم من أن فضيحة مصر أصبحت بجلاجل ، ود. نصر أبو زيد يدرس الآن فى كبرى الجامعات الهولندية يعنى كل العالم اطلع على هذا الحكم ؟؟ 

وليس هذا بطبيعة الحال دفاعا عن نصر أبى زيد أو غيره من المتحرشين بالإسلام عقيدة وشريعة .. ولكن أردت فقط أن أضرب أمثلة على تناقض الأحكام القضائية وعلى صعوبة الإعتماد على اجتهاد القاضى وحده دون نصوص تحكمه !! 

وبعدين لم يذكر لنا الحكم شيئا عن الجهات التى يخشى منها على تشويه سمعة مصر واستغلال مثل تلك القضايا ضدها .. بالطبع يقصد الدول الغربية والأوربيه .. طيب وماذا عن سمعة مصر الإسلامية أما العالم الإسلامى الذى يشكل ربع الكرة الأرضية .. ماذا عن سمعة مصر التى يلطخها أمثال هؤلاء المتحرشين بالإسلام ، والذين يقبضون ثمن الحادهم وكفرهم وانحرافهم بالدولار الأخضر ؟؟ 

ثم إن سمعة مصر أو العالم العربى لوثتها الحكومات والنظم الحاكمة المستبدة ولوثها الجالسون على كراسى الحكم بالثلاثين والأربعين عاما .. بعد نهبوا كل ما يقع فى ايديهم .. سمعة مصر لوثتها وزارات الداخلية منذ زمن بعيد .. سواء باعتقال الأبرياء وتعذيبهم وحرمانهم من حق الحياة .. بل من حق التبول أيضا .. ولوثتها الحكومات المتعاقبة بالتزوير الإباحى للإنتخابات .. ولوثها ترزية القوانين الذين لايرعوا لهذا الوطن حرمه ولا يكنون إلا الشر لأهلها وشعبها .. سمعة مصر لوثتها الأيدى الآثمة التى عطلت حق التقاضى وأشارت على المسئولين بتحويل القضايا إلى المجالس العسكرية التى تصلها الأحكام الجاهزة فى ورقة زفره لتحكم على أساتذة الجامعات والأطباء والمهندسن بالسجن ظلما وعدوانا .. وسمعة مصر لوثتها الأيدى الآثمة التى نهبت الجهاز المصرفى وباعت الدين والوطن بثمن بخس .. وسمعة مصر لوثتها لجنة شئون الأحزاب التى خالفت الدستور والقانون فحلت حزب وعطلت صحيفه ، وهى آمنة مطمئنة من وراء القرى المحصنة ومن وراء الجدر .. وسمعة مصر لوثتها الأيدى الآثمة التى عطلت كل مظاهر الديمقراطية وحلت النقابات وحرمت علي النقابيين وعلى طلبة العلم حق اختيار ممثليها .. ولوثتها قوانين الطوارىء والمحاكم الإستثنائية .. أقول ايه ولا ايه ؟؟ 

اقول مرة أخرى أننا نحترم وجهة نظر الحكم الذى صدر بوقف التنفيذ كما أوضحنا .. لكننا نخشى بكل تأكيد أن يفتح هذا الحكم شهية المتحرشين بالعقيدة الإسلامية من الشيوعيين والعلمانيين والمنحرفين فكريا وأخلاقيا .. فتتحول الكتابات التى تهاجم الإسلام وتهدم العقيدة وتحرض على الكفر إلى موجات متلاحقة وإلى ردة ثقافية تؤدى إلى بلبلة فكرية وإلى حملة تشكيك كالتى شهدناها فى الستينيات على أيدى الشيوعيين والعلمانيين .. وحتى لانفاجأ بخروج مطرب فى الإذاعة يغنى مرة أخرى الاغنية الناصرية الشهيره .. يابو زعيزع قم صلى خللى مراتك تقللى ؟؟ 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

بقلم : محمد شعبان الموجى
TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق


الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *