يعلموننا الأدب بقلة الأدب ؟؟







أغلب الذين يحاولون أن يعلموننا أدب الحوار .. هم أكثر من يمارس معنا قلة الأدب فى الحوار والكتابه .. وهم أكثر من ينطبق عليهم قول الحق جل فى علاه { ياأيها الذين آمنوا لما تقولون مالاتفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما تفعلون } .. والنموذج الذى قدمه لنا د. رفعت سيد أحمد فى الرد على الأستاذ محمود سلطان .. هو خير مثال يمكن أن يضرب لأثبات تلك الظاهرة المؤسفه .. فالدكتور رفعت لايجد حرجا شرعيا فى أن يصف أخ له فى الإسلام بأنه ( كويتب ) هزيــل الحجة سقيم المنطق ؟؟ 

والحقيقة أننى ظللت طوال الليل أتقلب فى فراشى وأنا أفكر فى الأسباب الحقيقة التى من الممكن أن تجعل د. رفعت يمارس كل تلك العجرفه والأسلوب المتعالى فى الكتابه ، والتى جعلته ينظر إلى إخوانه هذه النظرة الدونية التى لاتتفق مع أى شرع أو دين أو خلق قويم .. وأعترف أننى لم أتوصل إلى حقيقة تلك الأسباب إلا قبيل الفجر .. فقد ظهرلى والله اعلم بالصواب أن د. رفعت سيد احمد قد أخذ المجاملات التى كتبها د.جابر قميحه فى حقه .. بل والتى كتبها الأستاذ محمود سلطان نفسه مأخذ الجد .. فظن أنه بصحيح هو الذى حرر جنوب لبنان بمقالاته ، وليس المناضل الشيعى حسن نصر الله والمقاتلين فى حزب الله .. وهذا وهم كبير .. لأن مقالات رفعت سيد أحمد وأى مقالات أخرى لاتقوى على تحرير شبرا واحد من أى أرض .. وإنما يحررها الإيمان الصحيح والجهاد الصادق .. بل اننى بعد أن صليت الفجر تأملت ثانية فى هذا الأسلوب المتعجرف للدكتور رفعت .. وعقدت مقارنة بينه وبين القائد المنتصر حسن نصر الله .. الذى شاهدناه وهو يخطب خطبة النصر .. رجل فى غاية التواضع والأدب الجم .. وهو مازاد اعجابنا به رغم تحفظاتنا العقائدية على المذاهب الشيعية ككل .. ثم عنّ لي سؤال آخر .. وهو إذا كان د. رفعت سيد أحمد يعتقد أنه هو الذى حرر جنوب لبنان بمقالاته الكثيره .. طيب ما يشد حيله ويحرر لنا الجولان والقدس وبعدها ننتدبه لتحرير الشيشان والصومال والفلبين وكل مناطق الصراع بين المسلمين وبين غيرهم من أهل الكفر والإلحاد ‍‍‍‍!! 

ولو وقف الأمر عند هذا الحد من الخلاف .. لما كلفنا أنفسنا مؤونة الكتابه والتصدى للدكتور رفعت أو غيره .. ولكن قضية الدكتور رفعت أبعد و أخطر من ذلك بكثير .. هى قضية التيار الإسلام السياسى منذ ظهور المذهب الشيعى وحتى يومنا هذا .. ويهمنا فى البداية أن نفرق جيدا بين ايماننا العميق بكون السياسة من الواجبات الشرعية المحوريه التى يتوقف عليها كثير من التطبيقات الإسلامية .. وبين ظاهرة الإسلام السياسى التى تصدى لها باسلوب صائب بعض كبار المفكرين الإسلاميين مثل وحيد الدين خآن والندوى .. و تصدى لها فى الوقت ذاته كثير من المفكرين والكتاب باسلوب خاطىء فكانوا مترددين فى اثبات ونفى العلاقة بين الإسلام والسياسة .. فنسبنا بعضهم خطأ إلى التيار العلمانى رغم أنهم مؤمنون وموحدون بالله !! 

والكلام على ظاهرة الإسلام السياسى يطول جدا .. غير أننا فى هذه العجالة نود أن نقدم نبذه بسيطه عنه .. نقول إن القضية عند أمثال رفعت سيد أحمد وأمثاله من المنتسبين إلى الإسلام السياسى .. لاتكمن فى إقامة الدين والدعوة إلى التوحيد وممارسة وظيفة الأنبياء والرسل والدعوة إلى اصلاح النفس ومقاومة الشيطان والإنخلاع من زينة الحياة الدنيا والإستعداد لليوم الآخر .. إلى آخر تلك المعانى والمطلوبات القرآنية المباشرة التى تمثل اكثر من تسعين بالمآئة من مطلوبات القرآن الكريم .. كل ذلك لامكان له فى سلم الأولويات عند أمثال الدكتور رفعت .. بل أخشى أن تكون لاوجود لها على الإطلاق فى حياته .. فقضية د. رفعت هى كما يقول بالحرف الواحد (( فلسطين- التبعية - التطبيع – الإستبداد –- التعذيب – انتهاك حقوق البشر .. إلى آخر القضايا الحقيقية )) .. ولاشك أن كل تلك القضايا مهمة وحيوية والتصدى لها ومعالجتها من منظورها الإسلامى ليس خطأ ولا عيبا بل هو من الواجبات الشرعية الأكيده .. لكن لابد قبل التصدى لها أن نـكون أولا أصحاب ايمان صحيح وسلوك قويم وأن تكون علاقتنا قوية بالله سبحانه وتعالى .. لأنه ليس المهم أن تحارب كافرا .. بل لابد أن تكون أنت مسلما موحدا قبل ذلك .. والمجتمع الذى يتصدى لكل تلك القضايا لابد أيضا أن يكون مجتمعا ايمانيا يؤمن بالله ويعبده حق عبادته .. وإلا فما معنى أن نستبدل كفرا بكفر أو إلحادا بإلحاد أو فسقا بفسق .. وما معنى أن نستبدل نظام فلسطينى علمانى يهدر كل المقدسات والقيم وأول مايفكر فيه بعد العوده هو أقامة ملهى ليلى .. بنظام صهيونى لايختلف عنه فى تكوينه العقائدى والسلوكى ؟؟ إن قضية الإسلام الحقيقية الأولى والأساسية والتى تستمد منها كل القضايا الأخرى قدسيتها وأهميتها فى حياة المسلم .. لخصتها دعوة الأنبياء والرسل عليهم جميعا الصلاة والسلام .. كما وردت فى القرآن فى قوله تعالى : (( اعبدوا الله ولاتشركوا به شيئا )) .. ولذلك كان الأمام المجدد حسن البنا رحمه الله ملهما حينما كان يقول أن الإنسان المسلم قبل الأسرة المسلمة ، والأسرة السلمة قبل المجتمع المسلم ، والمجتمع المسلم قبل الدولة المسلمة ، والدولة المسلمة قبل الأمة المسلمة .. والأمة المسلمة قبل إقامة الخلافة الإسلامية .. هذه هى الأولويات الحقيقية التى تتفق مع الإسلام والقرآن .. وإذا سلمنا بذلك .. صار الدفاع عن العقيدة والتصدى لمحاولات العلمانيين والشيوعيين الملاحدة و الإباحيين للنيل منها ، والتصدى لمحاولات الغزو الفكرى و علمنة العقول والنفوس وغسيل المخ والأخلاق ، وجر مؤسسات الدولة الثقافية والفكرية والتعليمية إلى دائرة الكفر والفسق والزندقة ..لابد وأن يحتل الأولوية المطلقة فى حياة المسلم .. ولابد أن تكون الشغل الشاغل للكتاب الإسلاميين الحقيقيين .. ثم ما المانع فى أن نكتب عن ذلك وفى نفس الوقت نكتب عن القدس والتعذيب وحقوق الإنسان ومحاربة التطبيع .. لكن بشرط ألا يداخلنا العجب والغرور والوهم فيما نكتب .. فنظن أننا بتلك الكتابات أو المؤتمرات سنحرر فلسطين أو نمنع التعذيب أو نخرج من حالة التبعية .. ولكننا نكتب بحيث يكون هدفنا الأول هو توعية الناس وإثارة النخوة والحمية للإسلام فى قلوبهم .. فتتكون بذلك العصبية للإسلام .. فيخرج لنا الإنسان المسلم والمرأة المسلمة والمهندس المسلم والطبيب المسلم والحاكم المسلم والجندى المسلم والجيش المسلم.. فتتحرك الشعوب والحكومات نحو تحقيق الوحدة ولم شمل الأمة .. ويومها فقط سيحقق الله عز وجل وعده لعباده المؤمنين (( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدوننى لايشركون بى شيئا ، ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون )) .. هذا هو الطريق الوحيد . 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، 




































TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق


الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *