المؤمن إذا مات استراح من عنــاء الدنيــا .. و الكافر إذا مات استراح منـه البلاد و العبــاد و الشجر و الدوآب .. هكذا كان يصدع صوت الشيخ كشك رحمـه اللـه بتلك العبارات الرائعـة التى حفظناها عن ظهر قلب .. من فوق منبر رسول اللـه e .. وهكذا أيضــا استراح الشيخ كشك من عنــاء الدنيــا و من ألاعيب وزارة الأوجاع كما كان يسميها رحمه اللـه ، ومن صدها عن سبيل اللـه ، و مطاردتهــا لكل خطيب ناجح ، واستراح رحمه اللـه من الفتن التى تعج بها البلاد .. والتى تجعل الحليــم حيــرانا .. واستراح من الذل و العــار الذى لحق بامتنــا علـى أيدى أناس لايــرون بديلا عن هذا الذل و العــار إلا مزيدا من الذل والعآر ، ويرون أن الجلوس مــع أبناء القردة و الخنازيــر هو الحل الذى لابعده حل رغـم الصفعات التـى يتلقونهـا يوميــا من السفاح الصهيونى المجرم ؟؟
رحل الشيخ عبد الحميد كشك إلى ربــه راضيــا مرضيــا .. و فى نفســه مـرارة من سلبيــة الملاييــن التى أحبتــه وارتوت من علمــه ، ولكنهـا تركتــه يموت وحيـــدا قبل أن يموت ..و دون أن تعترض و لو ببرقيــات استنكار و استهجان للجهات المسئولة عــن عزلــه و منعـه من الخطابـة و من الدعوة .. وتخيلوا معــى لو أن مليون برقيـــة أو مليون توقيــع وصلت إلـى المسئولين تطالبهم بعودة الشيخ إلى منبـره .. ؟؟
رحل الشيخ كشك وسط تجاهل إعلامــى متعمــد .. الغرض منه محو أى شىء يذكر الناس بالإسلام ، و تـفويت أيـة فرصــة أو مناسبة يمكن أن تحرك نوازع الإيمــان أو مظاهر التعاطف مــع الإسلام .. خاف المسئولون أن تتحول جنازة الشيخ إلــى مظاهرة احتجاج ضد سياسة الحكومة التعسفية نحو الدعوة و الدعاة .. خافوا أن تتحول إلى مظاهرة سخط .. تحيى الصحــوة فـى قلوب أماتتهــا وزارة الإعلام والسخافـة ..لذلك لاتتعجبوا و لا تندهشوا من هذا التجاهل من جانب الإعلام المصرى الذى يهتــم بموت فنانة أو راقصــة مومس .. ولايذكر كلمـة واحدة عـن رحيــل علماء المسلمين والدعاة إلـى اللـه ، ولذلك أيضــا لا تتعجبــوا إذا عرفتــم أن كثيرا من الشعب المصرى و الشعوب العربيــة و الإسلاميــة المخدرة .. لم تعرف حتى يومنـا هذا أن الشيخ عبد الحميــد كشك رحمه الله ..أعظم خطباء القرن العشرين بلا منازع .. قد فارق الحيــاة منذ أيــام ..بعد أن تجاهلته الأيـدى الآثمــة فى(( ماسبيرو الفضائح )) .. تجاهلـه المفسديون كمــا كان يطلق عليــه .. وتجاهلتــه الصحف القوميــة .. وكثير من صحف المعارضـة .. وكان هذا بمثابــة شهادة تقديــر للشيخ .. ولقد قلت لأحد الغاضبيــن بسبب تجاهل المفسديون لـموته .. إن هذه الشرزمـة التى فضحها اللـه وكشف سترهـا .. وجعل بـعضهم يكيــد لبعض .. لا يحترمون الموت أصلا .. قال كيف ؟؟ قلت لــه ألم تتابـع مثلا جنازة وزير الرى رحمـه اللـه والتى نقلهـا المفسديون .. هل رأيتــم كيف يقلدون أهل الكـتاب فى تشييع الميت على أنغــام البياتــى و النهاونــد ؟؟ هل رأيتــم كيف قدم المفسديون بعدهــا فيلمــا تظهر فيــه احدى بطلاته بالمايوه الفاضح ؟؟ ألم تر يا صديقى الغاضب .. كيف يترحمون على موتاهم بعرض أفلامهــم الفاحشــة التــى تحوى كثيرا من المشاهد الفاضحــة .. إنهم ياعزيزى الغاضـب لا يحترمون الموت .. و لا يتعظون من الموت .. ولذلك لا أمــل فى إصلاحهم .. لأن رسول اللـه e كان يقول : و من أراد واعظــا فالموت يكفيــه و من لم يكفه هذا فإن النار تكفيــه .. وكثير من هؤلاء رأى الموت بعينيــه ولكن سرعان ما نســوا اللـه عزوجل فأنساهم أنفسهـم .. ثم قلت لــه : لقد كنت غاضبــا مثلك علـى تجاهل هذا الـمفسديون لرحيـل الشيخ كشك و غيره من علماء الإسلام .. لكننـى أثناء متابعتـى لأقوال الصحف وبعدها بقليل عرض التليفزيون فيلما تظهر فيــه بطلتــه باستريتش يظهرها و كأنهــا عاريــة تماما بدون مبالغـة .. وساعتها قلت لنفسـى إن الذى وافق على عرض هذا الفيلـم و هذا المشهد الداعر لايمكن أن يعرف أى معنى من معانى الشرف أو الأخلاق .. فهل مما يشرف الشيخ كشك وغيره من العلماء المخلصين و يريحـهم فى حياتهم البرزخيــة .. أن يحتفى بهـم (( ماسبيرو الفضائــح )) ولو بـخبر عن وفاتــاتهم ؟؟
لقد كان الشيخ رحمــه اللـه مدرسـة متميزة فى الخطــابة .. جعلت الناس ولأول مرة من زمن بعيــد تبادر منذ الصباح الباكر إلى حجز أماكنهــا فى المسجد ، و إلـى التسابق على وضــع أجهزة التسجيل ، وجعلتنا نحفظ كثيرا من خطبـــه عن ظهر قلب .. ونرددها دون أن نشعر بأى ملل .. كما هو الحال عندما نستمع إلى فلاسفة وزارة الأوجاع الـممليــن .. فالأسلام لايحتاج إلى فلاسفــة .. ولا يحتاج إلـى هذا الحشو الفلسفى .. الإسلام دين الوضوح والقوة و الصراحة ، و اللـه عزوجل قد يسر القرآن الكريـم للذكر و التدبــر .. ولذلك فنحن فى حآجـة إلـى دعاة متواضعيــن ينهلون من الكتاب و السنة و يتحدثون إلى الناس بلغــة إيمانيــة ملؤهــا التواضع والسهولة والوضوح ..الدعوة إلى الإسلام فى حآجة إلى دعاة و خطباء متطوعين محتسبـين لا إلى خطباء التصاريــح .. فالتصاريح لا تصنع خطيبا و لا داعيــة ناجحا .. التصاريح لا تصنع إلا موظفيــن يتحدثون إلى الناس كأنهــم الـــمترديــة و النطيحة وما أكل السبــع .. ؟؟
إن كلمات الشيخ رحمــه اللـه مازالت تزلزل عروش المستبدين ... أين الأكاسرة الجبابرة الأولـى ( الذين ) .. جمعوا الكنوز فما بقينا و ما بقوا .. من ذا الذى ضاق الفضــاء بجيشـه حتى ثوى فحواه لحد ضيــق .. خرس إذا نودوا كأن لم يعلموا أن الكلام لهــم حلال مطلق .. إن الطبيب له علـم يدل بـه ( يتفاخر بـه ) إن كان للمرء فى الأيام تأخيــر .. حتى إذا ما انتهت أيام رحلتــه حــار الطبيب و خانتــه العقاقيــر .. يابن آدم رجعوا وتركوك و فى التراب دفنوك و لو دخلوا معك ما نفعوك ولم يبق لك إلا أنا و أنا الحــى الذى لايموت .. فسبحان الحــى الذى لايموت ؟؟
والسلام عليكم و رحمة اللـه وبركاته
بقلم : محمد شعبان الموجــى
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق