لو كانت حقيقة ( الـنسخ ) الكتابة والإثبات ..تبقى مصيبة ؟؟




& يادكتور صبحى إذا كنت تقول أن ( النسخ ) يأتى فقط بمعنى الكتابة والإثبات .. فكيف يستقيم إذن جواب الشرط مع فعل الشرط فى قوله تعالى { ماننسح من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها } 106 البقرة .. إذ يصبح معناها وفقا لتفسيرك كالآتى : (( سواء نسخنا القرآن الكريم بأن كتبناه وأثبتناه ، أو محونا الآيات الحسية الأخرى التى آتيناها الأنبياء من قبل .. فسوف نأتى لكم أيها الناس بآية أخرى خير من الآية التى ننسخها ( القرآن الكريم ) أو مثلها ، وخير من تلك التى ننسها ونمحها كالآيات الحسية أو مثلها )).. أو بعنى آخر إن تفسيرك يادكتور لقوله تعالى { ننسخ من آية } بأنها هى القرآن الكريم .. معناه والعياذ بالله أن الله عزوجل سيأتى بآية أخرى خير من ( القرآن الكريم ) أو مثل ( القرآن ) ؟؟ .. هل أدركت المأساة التى ينتهى إليها تفسيرك يادكتور (..) 

ولذلك أعرضت يادكتور عن تفسير الآية بشكل كامل ، وغطرشت عن تفسير جواب الشرط { نأتى بخير منها أو مثلها } ، وانتقلت مباشرة إلى قوله تعالى : { إن الله على كل شىء قدير } ؟؟ 

^ ثم من قال لك ياسيادة الدكتور أن ( النسخ ) فى اللغة معناه الكتابة والإثبات فقط .. وأنت أول من تعلم يادكتور أن لفظ ( نسخ ) من الألفاظ المشتركة .. أى التى تحتمل أكثر من معنى على سبيل المجاز والحقيقة وهذا كثير جدا فى القرآن الكريم ، وإنما يعرف المعنى الشرعى المراد .. سواء أكان على سبيل المجاز أم على سبيل الحقيقة من السياق ومن قرائن أخرى .. ولنتجول سريعا الآن فى بعض معاجم اللغة العربية لنعرف المعانى المشتركة لكلمة ( النسخ ) فى كلام العرب .. ثم نناقشها .. ثم بعد ذلك نعود إلى الآية الكريمة لنعرف المعنى الحقيقى لها (..) 

فى القاموس المحيط للفيروزأبادى : ( نسخه ) كمنعه 

1- أزاله وغيره وأبطله ، وأقام شيئا مقامه ؟؟ 

2- نسخ الكتاب : كتبه عن معارضة والمنقول منه ( النسخة ) ؟؟ 

3- نسخ الخلية : حولها إلى غيرها ؟؟ 

4- التناسخ فى الميراث : موت ورثة بعد ورثة ، وأصل الميراث قائم لم يقسم ؟؟ 

5- تناسخ الأزمنة : تداولها وانقراض قرن بعد قرن آخر ؟؟ 

تكرر نفس المعانى فى لسان العرب بالإضافة إلى : 

1- الأشياء تناسخ : تداول فيكون بعضها مكان بعض كالدول والملك ، وفى الحـــديث : لم تكن نبوة إلا تناسخت أى تحولت من حال إلى حال يعنى أمر الأمة وتغاير أحوالها ؟؟ 

2-تقول العرب : نسخت الشمس الظل وانتســــخته أزالته والمعنى أذهبت الظل وحلت محله ؟؟ 

3-نسخت الريح آثار الديار : أى غيرتها ؟؟ 

وفى المعجم الوجيز : تجد أيضا نفس تلك المعانى بالإضافة إلى الآتى : 

1- تناسخ الشيئان : نسخ أحدهما الآخر ..يقال : أبلاه تناسخ الملوين : أى الليل والنهار ؟؟ 

2- التناسخ : انتقال الروح بعد الموت من بدن إلى بدن كما يعتقد البعض ؟؟ 

إذن فكل المعاجم اللغوية أجمعت على أن لفظ ( نسخ ) من المعانى المشتركة والتى يمكن تلخيصها في أربعة معان لغوية هى : النقل والإبطال والإزالة والتبديل 

& أما تفسير النسخ (بالنقل ) : وهو المعنى الذى عول عليه الدكتور صبحى فى تفسيره ، واعتبره هوالصحيح دون غيره .. فلا يمكن أن يكون معنى حقيقيا .. لماذا ؟؟ لأن حقيقة النقـل أن تحول عين الشىء من موضع إلى آخر .. ونسخ الكتاب لايكون بهذه الصفة إذ لايتصور نقل عين المكتوب ؟؟؟ من موضع إلى موضع آخر ، وإنما يتصور إثبات مثله فى المحل الآخر (..) 

& وأما تفسيره النسخ ( بالإبطال ) : فإنه بالنص لاتبطل الآية وكيف تكون حقيقة النسخ الإبطال وقد أطلق الله ذلك فى الإثبات بـــقوله تعالى { إنا كنا نستنسخ ماكانوا يعملون } (..) 

& وأما تفسير النسخ ( بالإزالة ) : فأيضا على سبيل المجاز .. إذ أن إزالة الحجر عن مكانه لايعدم عينه ولكن عينه باق فى المكان الثانى .. ولو كان حقيقة النسخ هو ( الإزالة ) لكان يطلق هذا الأسم على كل ماتوجد فيه ( الإزالة ) وأحد لايقول بذلك (..) 

& وأما تفسير النسخ ( بالتبديل ) : فهوالذى اختاره الإمام السرخسي فى اصوله .. وفسره بأنه من قول القائل نسخت الرسوم .. أى بدلت برسوم أخر .. واستدل على ذلك بقوله تعالى { وإذا بدلنا آية مكان آية } النحل 101 

والأفضل من ذلك كله أن نقول إن معنى النسخ معلوم بالنص فى قوله تعالى : { ماننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم ، الله على كل شىء قدير } .. فـهذا نص قاطع محكم على معنى النسخ .. وقد رأينا فى أول المقال بطلان ماذهب إليه الدكتور صبحى منصور من تفسير لها ، و إستحالة قبول النسخ فى الآية بمعنى النقل والإثبات كما قلنا .. لــــقوله تعالى : { نأت بخير منها أو مثلها } أى خير من الآية المنسوخة أو الآيـــة المنسية .. فلا يمكن - من ثم - تفسير الآية المنسوخة هنا بأنــــها القرآن الكريم وإلا تبقى مصيبة ؟؟ 

& ثم يقع الدكتور صبحى منصور مرة أخرى فى مطب وعر .. وهو يحاول تفسير قوله تعالى { وماأرسلنا من قبلك من رسول ولانبى إلا إذا تمنى ألقى الشيطآن فى أمنيته فينسخ الله مايلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم ، ليجعل مايلقى الشيطآن فتنة للذين فى قلوبهم مرض } الحج 52 ، و53 ، وفقا لتفسيره النسخ بمعنى النقل والإثبات .. بأن للشيطان أحاديث - يقصد الأحاديث النبوية - يحاول أن يفسد بها الوحى الإلهى .. وأن الله عزوجل وحاشا لله - هو الذى نسخها وكتبها وأثبتها بالنيابة عن الشيطان .. وهكذا يعترف الدكتور بأن الأحاديث النبوية .. أو حسب تعبيره - المنسوبة لله وللرسول .. دونت وكتبت فى وقت نزول الوحى الألهى وفى نفس وقت تلاوة النبى للوحى الإلهى .. وليس فى العصر العباسى كما يزعم سيادته فى كثير من مقالاته ؟؟؟ 

ثم هو يعترف اعترافا آخر صريحا وقاطعا .. بأن الذى دون وكتب ونسخ هذه الأحاديث الشيطانية ( المنسوبة لله ورسوله ) هو الله عزوجل ذاته - والعياذ بالله - وليس البخارى ومسلم ؟؟ 

& ثم يقلب الدكتور صبحى منصور الحقائق التاريخية رأسا على عقب .. حين يقرر بأن اليهود هم الذين اخترعوا حكاية ( النسخ ) وهم الذين روجوا لها بين المسلمين فى العصر العباسى ؟؟ .. مع أن المذكور فى كل كتب الأصول .. أنه لم ينكر النسخ سوى اليهود لعنة الله عليهم ، فقال بعضهم لايجوز النسخ أصلا .. وانقسموا إلى فريقين .. منهم من يأبى النسخ عقلا .. ومنهم من يأباه سمعا وتوقيفا أى من جهة الوحى .. فالذين أنكروه منهم من جهة العقل .. قالوا أن النسخ يعنى البداء والجهل فى حق الله ؟؟ .. وأما اليهود الذين أنكروا النسخ شرعا .. استدلوا على ذلك بقول موسى عليه السلام ( تمسكوا بالسبت مادامت السموات والأرض وزعموا أن هذا مكتوب فى التوراة عندهم ) ، وقد ناقش علماء المسلمين كل تلك المقولات وقتــلوها بحثا !! 

& وأخيرا لقد سبق وأن حذرنا من أن خطورة الفكر الذى يروج له منكرو السنة المطهرة تكمن فى إنكارهم لحقائق القرآن القطعية ..( فالنسخ ) ثابت بصريح القرآن .. فى العديد من آيات الأحكام .. وليس أظهر على وجوده .. من قوله تعالى : { قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام ..الآية 144 البقرة } بعد أن ظل المسلمون يصلون إلى بيت المقدس .. قرابة ستة عشر شهرا .. وهذه المسألة فيها إجماع لاينكره إلا جاحد ؟؟ 

ثم لنا فى هذا الموضع سؤال اعتراضى فى غآية الأهمية .. نتحدى الدكتور والذين معه أن يجيبوا عليه ولو اجتمعوا له ، والسؤال هــو : هل كان توجه المسلمين للصلاة جهة بيت المقدس بناء على وحى من الله أم بناء على وحـــى من الشيطآن ؟؟ 

فإن قلتم بل بوحى من الله تعالى .. سألناكم وأين هى إذن تلك الآية القرآنية التى أمر الله فيها النبى صلى الله عليه ومن معه من المؤمنين بالتوجه بالصلاة ناحية بيت المقدس ؟؟ هل نسخت تلاوتها وحكمها ؟؟ فإن قلتم نعم .. فقد نقضتم قضيتكم كلها حول انكار النسخ .. لأن نسخ الحكم والتلاوة أشد أنواع النسخ ؟؟ 

و‘إن قلتم بل كانت بوحى خآص للنبى صلى الله عليه وسلم .. نقضتم دعواكم الأخرى التى روجتم لها كثيرا بعـــدم وجود وحى آخر غير الوحى القرآنى ، وأن الرسول إنما هو مبلغ فقط ؟؟ 

فإن قلتم إنما كان توجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس تقليدا لشرع من كان قبلنا مثل اليهود .. قلنا إن المسلمين كانوا يصلون فى مكة جهة الكعبة المشرفة مخالفين بذلك شرع اليهود .. ولايطعن فى ذلك كون اليهود لم يكن لهم وجود يذكر فى مكة .. فالأهم من ذلك كله هو تلك الإشارة القرآنية فى قوله تعالى { وماجعلنا القبلة التى كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه .. الآية 143 البقرة } والتى تؤكد أن توجه المسلمين للصلاة ناحية بيت المقدس كان بوحي إلهى .. أما إذا قلتم بأن هذه الآية الكريمة هى نفسها الدليل على الأمر الإلهى بالتوجه أولا إلى بيت المقدس .. قلنا إن هذه الآية الكريمة إنما تتحدث عن زمن مابعد نسخ التوجه إلى بيت المقدس ، وليس فيها الأمر بالتوجه ابتداء .. ويبقى بعد ذلك التحدى الذى لو أجبتم عليه مجتمعين أو منفردين .. فسوف أعاقب نفسى وأمتنع عن الكتابة فى الأحرار لمدة عام هجرى كامل ؟؟ 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، 

بقلم : محمد شعبان الموجى
TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق


الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *