الشفاعة الباطلة ولعبة تمويت قضايا أولاد الذوات ؟؟





الحمد لله الذى وفق الجهات المعنية إلى حفظ التحقيق فى قضية فنانة الشعب سماح أنور استمرارا لمسلسل حفظ التحقيقات مع حوادث وبلاوى طبقة النبلاء .. بلا وجع دماغ .. وهذا القرار قد أسعدنا مرتين وربما أكثر حسبما يفتح الله علينا من حيثيات الفرح والسرور فى هذا المقال .. أسعدنا أولا لأن الفنانة سماح أنور ككل رموز مصر يجب الحفاظ عليها من المرمطة داخل سجون مصر التى أعدت للمتقين .. وهى ( السنة المؤكدة ) التى صارت فى حكم القانون غير المعلن الذى يحكم مصر الآن وبالتالى فمن حق بنت جدعة مثل سماح أنور أن تستفيد من مثل تلك الإمتيازات .. وأسعدنا هذا القرار ثانيا لأن حيثيات الحفظ كانت أكثر من مفيدة وممتعة .. فالحيثية الأولى كما وردت فى الصحف .. أن عمود الإنارة الذى حطمته سيارة الفنانة العظيمة لاقيمة له من وجهة نظر جهات التحقيق - أى والله العظيم - ولاشك أن تلك الحيثية التى يجب أن تصبح توصية عآمة وفقا لنصوص الدستور الصريحة الذى يساوى بين جميع المواطنين فى الحقوق والواجبات .. سواء أكانوا من طبقة النبلاء أو من طبقة العبيد .. وبالتالى فسوف يسعد له كثير من هواة تخريب المال العآم وما أكثرهم ، وسيسعد له كذلك هواة تمزيق جلد كراسى وسائل النقل العآم وتحطيم زجاج القطارات ومصابيح الإضاءة العآمة وتخريب الحدائق و كل مايمكن أن يقاس على ذلك من ممتلكات عآمة .. بالله عليكم ألا يكرس مثل هذا الإستهتار الحكومى بقيمة عمود إنارة طويل عريض لظاهرة الإستهتار بالمال العآم التى ابتليت بها مصر من قرون عديدة ؟؟ .. يرحم الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه حينما دخل عليه على بن ابى طالب ليحدثه فى أمر خآص .. فإذا بالفاروق عمر يطفىء الشمعة التى كان يناقش على ضوئها أمور المسلمين حتى لايهدر شيئا ولو بدا يسيرا فى غير موضعه .. ولنسأل أنفسنا لماذا احتفظ التاريخ أربعة عشر قرنا من الزمان بمثل ذلك التصرف الذى قد يبدو للبعض شيئا تافها ؟؟ .. إن عمر أراد أن يبذر بذرة تنمو وتزدهر حتى تسير سنة متبعة فيما هو أكبر من ذلك .. لأن معظم النار من مستصغر الشرر كما يقولون .. ولذلك فإن الإسلام يقطع يد السارق فى بيضة وليس فى عمود إنارة مع الفارق طبعا فى القياس ؟؟ 

وأما الحيثية الثانية التى أسعدتنى ولاشك أنها ستسعد الكثيرين .. هى القول بأن القيادة بدون تجديد الرخصة أمر لاقيمة له أيضا .. وبذلك سنتخلص من سطوة بعض ضباط المرور لاسيما راكبى الدراجات البخارية منهم .. الذين لايرحمون توسلات مخطىء ولا غريب ولامريض .. ويصرون على سحب الرخص بل وسحب السياره بشحمها ولحمها ، ومرمطة أصحابها لأتفه الأسباب .. بل ويجب قياسا على ذلك اعتبار كثيرا من مخالفات المرور لاقيمة لها بالمقارنة مع القيادة برخصة منتهية الصلاحية .. وبالتالى سنجد من المبررات مايكفى لإحراج الحـــكومة للكف عن تهديد أصحاب السيارات الغلابة بفرض قانون جديد مشدد للمرور لايطبق إلا على الغلابة (..) 

وأما الحيثية الأساسية فى حفظ التحقيق .. فهى مايتعلق بمراعاة الجهات المختصة لما يسمى بالذوق القانونى الذى لايسيغ محاكمة فنانة فقدت القدرة على الحركة .. والحقيقة أننى تعجبت جدا من هذه الحيثية بقدر ما أسعدتنى .. تعجبت أولا لأننى لأول مرة أعرف أن الحكومة المصرية عندها ذوق قانونى يمنعها من مباشرة التحقيق مع فنانة مصابة .. و( ياريت ) يكون عندها ذوق سياسى وذوق انسانى أيضا .. فالذى أعرفه أن القانون مايعرفش زيد ولا عمرو .. ولعل المرة الأولى التى سمعنا فيها عن مراعاة هذا الذوق القانونى .. هو فى وقف تنفيذ الحكم على العظيمة ميمى شكيب رمز مصر .. التى كانت تهوى الجمع بين الرؤوس فى الحرام .. لكن الذى يثير الأسى والأسف حقا .. أن تراعى تلك الجهات المسئولة الذوق فى محاكمة فنانة .. بينما لاتفعل ذلك مع باقى أفراد الشعب (..) 

فأين كان هذا الذوق القانونى حينما أعدم الشيخ سيد قطب وعمره يزيد عن الستين عآما رغم توسلات رؤساء بعض الدول الإسلامية ؟؟ وأين كان هذا الذوق القانونى عندما وقف علماء الحركة الإسلامية أمام المحاكم الإستثنائية لتصدر فى حقهم أحكام اعدام بالجملة ؟؟ وأين كان هذا الذوق القانونى حينما سجن السادات كل الرموز الوطنية ووصف أحدهم بأنه مرمى ذى الكلب - أعزكم الله - وأين كان هذا الذوق عندما سيق خيرة شباب مصر من أمثال الدكتور عصام العريان وعبد المنعم أبو الفتوح وغيرهم من أساتذة الجامعة ودعاة الإسلام وفيهم من تجاوز عمره الخامسة والسبعين عآما وفيهم من أمراض الشيخوخة مافيهم دون رحمة أو شفقه .. فى قضـــــــايا ملفقة من الألف إلى الياء (..) 

أذكر أنه فى أعقاب حملات الإعتقال بعد مقتل الرئيس السادات .. اعتقلت الحكومة المصرية مريضا بمرض الجذام - عافانا الله وإياكم - ووضعوه فى زنزانة مجاورة لنا فى سجن الزقازيق العمومى .. ولاشك أن الذى بنى هذا السجن الرهيب لاعنده ذوق قانونى ولاعنده دين بالمرة .. وكذلك الذى أبقى على مثل تلك السجون فى عهدة وزارة الداخلية حتى يومنا هذا .. فمظاهر قلة الذوق وقلة الدين فى هذا السجن وأمثاله أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر .. ونسأل الله العافية .. ولذلك أعود مرة أخرى إلى مريض الجذام الذى لم يشفع له مرضه القاتل فى الإفراج عنه فضلا عن القبض عليه من أساسه وكل ما كان يقلق السجان يومئذ هو الخوف من نقص العهدة كما يقول ؟؟ .. أى الخوف من تساقط وتآكل أجزاء المعتقل المريض بالجذام (..) ثم أين ومتى كانت الجهات المعنية تراعى هذا الذوق فى كل ماحدث و يحدث داخل السجون المصرية من إهانات تأبى كلاب الشوارع الضآلة أن تتعرض لها .. وأين كان هذا الذوق القانونى حينما لم يرحموا محمود نور الدين بطل تنظيم ثورة مصر الذى أعياه المرض وتركوه يموت ببطء فى السجن رغم توسل القــــوى الوطنية للإفراج عنه ؟؟ 

إن لعبة تمويت بعض قضايا أولاد الذوات .. أى تركها لفترات طويلة حتى يتوقف عنها حماس الجماهير لمعرفة الجانى من المجنى عليه أوينسوها يجب أن تتوقف إلى الأبد .. لأن ذلك يعكس شعورا بالإزدواجية القانونية وعدم المساواة بين أفراد المجتمع .. ويكرس الشعور بأن هناك من لايخضع .. أو من يجب ألا يخضع للمثول أمام القانون .. وثانيا يعكس شعورا قويا بخيبة أجهزة الأمن فى الإمساك بالجناة الحقيقيين .. نريد مثلا أن نعرف من هو ابن السبيل هذا الذى وضع 580 جراما من البانجو كما تقول محاضر الشرطة فى شنطة سيارة الفنانة .. وياسلام على الدقة والأمانة .. آل إيه 580 جرام مش 600 جرام ولا 550 جراما مثلا ... وبعدين هل كان ابن السبيل هذا مكشوف عنه الحجاب أو بيشم على ضهر ايده .. حتى يعلم على وجه الدقه أن سيارة الفنانة ستتعرض لحادث فى يوم كذا وفى ساعة كذا وفى مكان كذا وسوف تتحطم عند عمود نور عديم القيمة ؟؟ ولم نعرف كذلك هل يفعل ابن السبيل هذا العمل الخيرى فى توزيع البانجو بهذه الكمية الكبيرة على كل الطبقات الشعبية الكادحة .. أم يكتفى بتوزيعها على الفنانين والمبدعين فقط ؟؟ وهل عمل ذلك بشكل فردى أم من خلال تنظيم إرهابى أو اجرامى .. ولماذا أراد ابن السبيل توريط فنانة الشعب ورمز العروبة والمصرية فى قضية مخدرات ؟؟ هل تم ذلك بدوافع ذاتية أم لأسباب موضوعية ؟؟ ولماذا تأخر محضر الشرطة هذا الوقت الطويل بعد وقوع الحادث مما أوجد هذه الثغرة القانونية ؟؟ وهل فعلت الشرطة ذلك بشكل متعمد أم نتيجة لإهمال وتقاعس تلك الجهات الأمنية ؟؟ وهل تمت محاسبة المسئولين عن هذا الإهمال الذى تسبب فى عدم معرفة مصدر 580 جراما من البانجو .. هناك عشرات الأسئلة التى ماكان يجب على الجهات المسئولة أن يهدأ لها بال أبدا أو يغمض لها جفن قبل أن تصل إلى الجناة الحقيقيين ؟؟ وهل كان هذا السيناريو الأمنى سيتكرر لو كانت الإنسانة أو الإنسان الذى تعرض لمثل تلك الحآدثة وبنفس التفاصيل مواطن أو مواطنة عادية ماتعرفش التمثيل .. إننا لانتهم أحدا بالذات .. ولكننا نلاحظ التحرك السريع والمكثف وعلى غير العادة .. للجهات المسئولة عند وقوع حادث يكون أحد أبطاله واحدا من ابناء أو من بنات طبقة النـبلاء ( وهو اسم على غير مسمى ) .. لآ من أجل تطبيق العدالة وإنما من أجل احتواء الموقف والتحايل بشتى الطرق لعدم اخضاع أبناء الذوات ليد العدالة ، والأمثلة على ذلك كثيرة جدا ، وهذه ( الشفاعة الباطلة ) من أهم علامات المجتمع الجاهلى .. وياحكومة مصر إنما أهلك الذين قبلكم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ؟؟ 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

بقلم : محمد شعبان الموجى
TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق


الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *