أولا هذا الشخص كذاب .. لأن الإمام البخارى رضى الله عنه لم يروى ولا حديثا واحدا فى صحيحه عن عمر بن سعد بن أبى وقاص كما يزعم هذا الجهول فى مقاله .. وأتحداه - شنب لشنب - لو أثبت خلاف ذلك ، بل وأتمنى من مجلس تحرير صحيفة الأحرار أن تلزمه بذكر ولو رواية واحدة رواها البخارى عن عمر بن سعد بن أبى وقاص .. فإن لم يفعل ولن يفعل .. فلا أقل من تجريسه بحلق شنبه داخل مقر الجريدة على أن يشهد ذلك طائفة من المؤمنين .. لأنه من غير المعقول أن يترك مجال الكتابة الدينية لكل من هب ودب .. يعبث ويخرب ويشكك الناس فى أمور دينهم دون حساب أو عقاب .. ولابأس أن تفتتح الجريدة صالونا خآصا لتجريس الكتاب الكاذبين !!
على العموم عمر بن سعد بن أبى وقاص لم يروى له ولا حديث فى الصحيحين .. ولكن روى له الترمذى وأحمد والنسائى ، وهو التابعى الذى تورط فى صراع سياسى بعد ضغط وتهديدمن عبيد الله بن زياد فقاد الجيش لـقتال الإمام الحسين رضى الله عنه لأسباب سياسية بحتة .. ورغم ذلك فإن عمرا هذا غير متهم فى نفسه .. بل هو صدوق فى رواية الأحاديث .. والدليل على ذلك بل العجيب أنه هو الذى روى حديثا شريفا يقول فيه صاحب الشفاعة الكبرى يوم القيامة : { قتال المسلم كفر وسبابه فسوق } النسائى ، مع أن هذا الحديث كما نرى من المفترض أنه يدين موقفه من قتل الحسين رضى الله عنه .. فلو كان كذوبا لسكت عنه ومارواه ، وقد روى حديثا آخر يقول فيه : { من يهن قريشا يهنه الله عزوجل } مسند أحمد وهو أيضا يدينه لأنه قتل الحسين يتجاوز إهانة قريش إلى ماهو أبعد من ذلك بكثير ومع ذلك رواه ؟؟ .. وروى حديثا ثالثا فى مسند أحمد يقول فيه الشفيع المشفع عليه الصلاة والسلام : { عجبت من قضاء الله عزوجل للمؤمن إن أصابه خير حمد ربه وشكر وإن أصابته مصيبة حمد ربه وصبر .. المؤمن يؤجر فى كل شىء حتى اللقمة يرفعها فى في امرأته }.. هذه تقريبا هى الأحاديث التى حدث بها عمر بن سعد .. وليس فيها من الأسباب والدوافع كما نرى مايدفعه إلى اختلاق الحديث ، ولا ما يدفع أئمة الحديث إلى رد رواياته لاسيما وأن تلك الروايات قد وردت عن غيره بأسانيد أخرى صحيحة .. والحقيقة أننى ظللت طوال الليل أفكر لماذا يلجأ هذا الشخص إلى الكذب على الإمام البخارى والتشكيك فى كتابه الذى تلقته أمة الإسلام بالقبول والرضا .. هل يمكن أن يكون الدافع من وراء ذلك نبيلا ؟؟ هل يعتقد هذا الشخص أن التقرب إلى الله يكون بالكذب ؟؟ هل وقع ذلك منه على سبيل الخطأ والنسيان ؟؟
ثانيا : لكن الذى ظهر لي بعد طول السهر والتفكير .. أن الكذب ليس طارئا عليه بل هو متأصل فيه .. فشيخه الذى يبيح معاشرة الحيوانات الأليفة جنسيا باعتبارها هى ملك اليمين المقصود فى القرآن .. هو نفسه شيخ الكذابين والسادة الأونطجية منكرى السنة .. ثم إن باقى المقال ينضح بالكذب والإفك .. حيث يقول هذا الجهول : أن حريز بن عثمان الرحبى الحمصى متهم بالكذب على الرسول عليه الصلاة والسلام ويسب الإمام على بن أبى طالب وروى عنه البخارى .. والحقيقة التى لاخلاف فيها أن الباحث هو الذى يـكذب .. فإن حريزا بن عثمان هذا لم يتهمه أحد على الإطلاق بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وإلا لما روى له البخارى على الإطلاق .. ولا أعرف من أين جاء هذا الكذاب بتلك الفرية .. فإن كل ماأخذه العلماء على هذا الإمام المتقن الثبت أنه كان ينال من على كرم الله وجهه بقوله : { لاأحب عليا قتل أبائى - يعنى يوم صفين - } غير أن يزيد بن هارون قد نفى عنه تلك المقوله .. بمقولة أخرى كان يقول فيها : { لنا امامنا ولكم امامكم - يعنى معاوية وعليا } .. بل ونقل عن على بن عياش أنه قال : { سمعت حريزا يقول : والله ماسببت عليا قط } .. وقال أبو بكر بن أبى داود عن معاوية بن عبد الرحمن الرحبى : { سمعت حريز ابن عثمان يقول : لاتعاد أحدا حتى تعلم ما بينه وبين الله فإن يكن محسنا فإن الله لايسلمه لعداوتك وإن يكن مسيئا فأوشك بعمله أن يكفيكه } .. وقد روى البخارى عن أبى اليمان أنه قال : { كان حريز يتناول من رجل ثم ترك } يقصد كان ينال من على ثم ترك ذلك الفعل ؟؟
فإذا كانت ثمة أقوال متناقضة قد رويت عن سيرة هذا الراوى فلماذا اقتصر الباحث الجهول على الجرح فيه فقط بل وتعمد اتهامه بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بشكل مبهم دون أن يذكر مصدر هذا الأفك ؟؟ .. ومرة أخرى أتوسل إلى الأستاذ محرر الصفحة أن يسأل هذا الشخص عن مصدره الذى استقى منه القول بأن حريزا كان يكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .. وإلا فاضربوه ياأحرار على مؤخرته صيانة لدينكم ؟؟
وعلى العموم .. الحمد لله ليس فى صحيح البخارى لحريز بن عثمان سوى حديثين أحدهما فى صفة النبى صلى الله عليه وسلم ، والآخر حديث { من أفرى الفرى أن يرى الرجل عينه مالم تر ..الحديث } .. فأى غـضاضة أيها العقلاء فى أن يروى البخارى هذين الحديثين عن حريز ؟؟ بل ألا يلفت نظر العقلاء أن رواية البخارى عن المخالفين له فى بعض أمور العقيدة .. يدل على سعة صدر وأفق البخارى رحمه الله وعلى أمانته وورعه وعظمته ، وعلى أنه إنما كان يحكم الشرع والعقل فى الحكم على المخالفين له ولايحكم عليهم بالهوى وبحظوظ النفس .. وهومايحسب له لاعليه .. مادام هذا الخلاف لايؤثر على صدق الرواية ؟؟
ثالثا : وكما أراد هذا الشخص أن يشكك المسلمين فى البخارى .. مارس نفس الدور التخريبى مع صحيح مسلم .. لعلمه بمكانة صحيح مسلم فى نفوس المسلمين .. فهاهو يحاول محاولة حقيرة إظهار الفوضى و التناقض بين علماء الجرح والتعديل حتى يفقد الناس الثقة فى السنة المطهرة كلها .. يقول الباحث الكذوب : مجالد بن سعيد كذبه أحمد والبخارى والدارقطنى وروى عنه مسلم ؟؟
والحقيقة التى يجب أن يعلمها هذا الجهول أنه لاتناقض البتة .. فإن مسلما لم يروى عن مجالد هذا سوى حديث واحد رواه مسلم بسنده أيضا عن كل من سيار وحصين ومغيرة وأشعث واسماعيل بن أبى خالد كلهم عن الشعبى .. فهل رواية مسلم التى يرويها عن خمسة آخرين غير مجالد هذا .. كلهم عن الشعبى كما ذكرنا .. تمثل طعنا فى صحيح مسلم أو تشكيكا فى الرواية أو تناقضا بين علماء الجرح والتعديل ؟؟
رابعا : ويزعم هذا الكذوب أن علم الجرح والتعديل يقوم على تتبع ضمائر الرواة ؟؟ .. ليس هذا فحسب بل ويزعم أيضا أنه يقوم كذلك على تتبع أعمالهم التى يتظاهرون بها أمام الناس ؟؟ وتلكما فريتان يدلان على سوء الفهم بالأسس التى قام عليها علم الجرح والتعديل .. كما يدلان على سوء الظن بعلماء المسلمين الأكابر الأجلاء .. وتصوروا معى أن شخصا مجهولا يتهم الأمة كلها بأنها من المنافقين الذين يتظاهرون بالأعمال الصالحة وقلوبهم فارغة من الإيمان .. فأى سفاهة وأى سفالة تلك التى دفعت هذا الشخص الجهول إلى مثل هذا الإجتراء على تكفير الأمة الإسلامية كلها ووصمها بالنفاق و جعلها فى الدرك الأسفل من النار ؟؟
إن علم الجرح والتعديل .. هو فى الأساس مستمد من القرآن الكريم الذى يزعم هذا الجهول أنه يتمسك به وحده دون السنة ، والحقيقة التى تثبتها الأيام والأحداث كل يوم .. أن الذى يفرط فى السنة المطهرة ، لابد أن يفرط حتما فى كتاب الله .. بل وربما فرط فى أشياء ثمينة لاسيما بعد إباحة شيخ منكرى السنة لمعاشرة الحيوانات الأليفة وليس هذا مجال التفصيل !!
أما عن الأدلةالقرآنية فقوله عزوجل : { ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على مافعلتم نادمين } 6 الحجرات ، وقوله عزوجل : { واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى } 282 البقرة ويقول الله عزوجل : { يحكم به ذواعدل منكم .. الآية } المائدة .. وقوله تعالى : { اثنان ذوا عدل منكم .. الآية } 106 المائدة ، وقوله تعـــــــــــالى :{ وأشهدوا ذوى عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ..الآية } 2 الطلاق
فكيف يمكن اشهاد ذوى العدالة دون النظر إلى أحوالهم الظاهرة كما فعل علماء الجرح والتعديل فالمخبر بالرواية كالشاهد فى القضايا .. لابد فيه من الإسلام والبلوغ والعقل والضبط والصدق والأمانة والعدالة وإنما يفترقان فى أمور أخرى لاتؤثر على جوهر موضوعنا ؟؟ .. والأصل فى المجتمع المسلم أن أفراده كلهم عدول ما لم يجرحوا بجرح .. فهل النظر فى عدالة الشهود فيه تتبع لنواياهم ؟؟ إن الله عزوجل يقول فى محكم التنزيل { وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون .. فهل يستطيع هذا الجهول الكذوب هو أو شيخه الذى يبيح ممارسة الجنس مع الحيوانات الأليفة حسب تفسيره العظيم لملك اليمين .. أن يفسر لنا كيف يرى المؤمنون عمل العاملين منهم دون مراقبة لأعمالهم ؟؟
إن القاعدة التى يقوم عليها علم الجرح والتعديل هو قول سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه : { إن اناسا كانوا يؤخذون بالوحى فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الوحى قد انقطع ، وانما آخذكم الآن بما ظهر من أعمالكم فمن أظهر لنا خيرا أمناه وقربناه وليس إلينا من سريرته شىء ، والله يحاسبه فى سريرته ، ومن أظهر لنا سوءا لم نأمنه ولم نصدقه وان قال إن سريرته حسنة . } .. فأين تلك القاعدة العظيمة فى الجرح والتعديل من مثل هذا الكلام الساقط الذى يدعى فيه الجهول أن علم الجرح والتعديل يتتبع نوايا الرواة ؟؟
والباحث الجهول .. يحسب أن علم الجرح والتعديل مثل سهرة فى كباريه .. يستطيع أن يضرب الكرسى فى الكلوب فى الوقت الذى يريد فينهى كل شىء فى لمح البصر .. إنه يطعن فى علم الجرح والتعديل .. ويزعم أنه من العلوم التى لاتنفـع .. وأن على المسلمين أن يتركوه جملة وتفصيلا ، ويظن أنه بتلك الوساخة الفكرية يستطيع أن ينهى علم الجرح والتعديل وعلم الرجال والسنة كلها ، وباعثه على ذلك هو التناقض بين أقوال العلماء وتعدد الآراء مرة بالجرح ومرة بالتعديل على الراوى الواحد .. ويقول إنه لم يسلم راو واحد من الجرح .. وهذا حق لاننازعه فيه .. غير أن الباحث الجهول نسى أو تناسى حقيقة شرعية وقانونية مهمة وهى أن ثمة فرق كبير بين الإتهام ، وبين ثبوت الإتهام .. وهنا يكمن هذا عمل القاضى و المجتهد .. فالمتهم فى كل الشرائع والقوانين برىء حتى تثبت إدانته .. فحتى الأنبياء والرسل عليهم السلام اتهموا من قبل الكفار والمشركين بأبشع التهم وأحقرها .. لكن المهم هو ثبوت التهمة أو الجرح من عدمه .. بل إن الله عزوجل خالق البشر وصاحب القوة والجبروت والعدل المطلق والحكمة .. اتهمه اليهود لعنة الله عليهم وعلى من والاهم ونشر مبادئهم وأفكارهم فى المراكز المشبوهة إلى يوم الدين .. وقالوا يد الله مغلولة .. وقالوا إن الله فقير ونحن أغنياء إلى آخر تلك الإفتراءات الكافرة .. فهل معنى ذلك ثبوت الجرح فى الله عزوجل وانبيائه الكرام تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا !!
وهناك قواعد عظيمة تحكم وتضبط .. تعارض واختلاف الآراء فى الجرح والتعديل .. ومن خلال تلك القواعد نستطيع أن نرد على أمثال هذا الجهول الكذوب الذى يزعم أو يتمنى من الله هو وشيخه الذى يبيح معاشرة الحيوانات الأليفة معاشرة الأزواج ؟؟ أن يديمها فوضى وأن يحفظها من النظام .. وهذه القواعد سنتناولها فى سياق ردنا على الشكوك التى أثارها هذا الجهول ؟؟
غير أن الملفت للنظر أن الباحث الجهول ذمته واسعة مثل شيخه بتاع الحيوانات الأليفة .. فالمتهم عنده من رواة الحديث وشيوخ الإسلام وأكابر أهل العلم يظل متهما حتى ولو ثبتت براءته .. فهو لاينقل إلينا سوى الجرح والطعن فى هؤلاء الرواة بينما لايذكر شيئا على الإطلاق من ممادح هؤلاء الأئمة ومناقبهم ولا شهادة العلماء لهم بالعدالة ورسوخ القدم فى العلم والورع والسلوك القويم .. ويخالف بذلك فلسفة المقال التى تقوم على فكرة اظهار التناقض بين المجروحين المعدلين فى ذات الوقت .. لكنه كما قلنا اكتفى بالجرح ولم ينقل لنا التعديل ولا أجوبة العلماء على الجرح فى هؤلاء الأكابر .. والواضح كذلك أن هذا الباحث يجهل مدلولات الألفاظ كما يعنيها علماء الجرح والتعديل .. كما يجهل جهلا مطبقا أهم القواعد الأصولية التى تحكم علم الجرح والتعديل والتى سنتعرض لها إن أذن الرحمن فى معرض الدفاع عن عكرمة وأبو معاوية الضرير وأبو بكر بن أبى شيبة وغيرهم ممن تعرض لهم هذا الشخص فى مقاله والله ولى التوفيق ،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
بقلم : محمد شعبان الموجى
الثلاثاء الموافق 27 من يوليو 1999
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق