أخيب دعوة ظهرت فى التاريخ الإسلامى كله .. هى الدعوة إلى هدم السنة المطهرة والإكتفاء بالقرآن الكريم .. ولذلك لاتكاد تقرأ مقالا أو كتابا لواحد من أعداء السنة المطهرة إلا وترى كاتبه يتيه فى الضلالات والتخبط والعشوائية والتناقض والكذب والغش ويسلك كل أنواع الحيل الحلال والحرام .. ولأن تلك الضلالات الفكرية بالنسبة لأصحابها هى كما قلنا سابقا سبوبة يتعايش منها فقيرهم ، ويشتهر بها غنيهم .. فإنهم يظلون متمسكين بها مهما جئتهم بكل آية ، ولذلك فلا فائدة من مخاطبتهم أو الحوار معهم .. فهم للأسف الشديد يسلكون سلوك اللعوب التى تحدثك عن الشرف ثم لاتلبث أن تمارس أبشع ألوان الخلاعة والمجون (..)
فمنكرو السنة المطهرة .. يظهرون أنفسهم دائما على أنهم أحرص الناس على السنة الحقيقية للنبى محمد صلى الله عليه وسلم .. ولذلك يعلن بعضهم تمسكه بضرورة عرض الحديث على القرآن .. بينما يتمسك الآخرون بضرورة أن يكون الحديث من السنة العملية المتواترة .. فإذا عرض لهم حديثا تواتر العمل به تواترا عمليا رفضوه .. وإذا وافق الحديث آيات الكتاب الكريم ردوه بحجج واهية وتأويلات فاسدة .. مادام هذا الحديث لايتفق مع هواهم ومع ذوقهم الخآص وتصوراتهم الشخصية التى تكون غالبا متأثرة بمناهج المنظمات المشبوهة التى ينتمون إليها والتى يدينون لها بدينهم الحقيقى (..)
ولذلك فإننى ألتمس لأخى الأستاذ أحمد رفعت سبعين عذرا حينما يقول أنه لم يجد فى كتب جمال البنا مايفيد بأنه ينكر السنة .. ليس هذا فحسب بل يقرر أنه يجد العكس .. ومع ذلك ومن باب التواضع وعدم الرغبة فى إحراجى فقد قرر مشكورا أنه سيعيد قراءة كتبه من جديد .. وأنا أعده من جانبى بأن أعيد أيضا قراءة كتب البنا وسوف أتناول ذلك فى مقالات قادمة إن أذن الرحمن .. واليوم طلع علينا أستاذنا الكبير سليم عزوز فى عموده اليومى بدفاع مجيد عن صبحى منصور لدرجة الطعن فى قدرات زملاءه فى الجريدة والذين كتبوا تحقيقا ممتعا لايشوبه شائبة .. ورغم أن الفكر الذى يدعو إليه صبحى منصور لايحتاج إلى اجتهاد ولذلك فاسمحوا لى أن أضع عشرات العلامات التعجبية والإستفهامية وراء التأييد المطلق المفاجىء من الأستاذ سليم عزوز (..)
إن اصرار د.صبحى منصور على تمسكه بما جاء فى كتابه حد الردة رغم مافيه من أخطاء وتناقضات وكذب وتدليس وغش وجهل وجهالة يؤكد على ان الأمر بالنسبة لصبحى منصور سبوبة لاأكثر ولا أقل .. وسوف أعرض لكم صفحة واحد من صفحات هذا الكتاب الباطل لتحكموا بأنفسكم على النفسية التى يتحرك بها أمثال صبحى منصور وشركاه ؟؟
يصر صبحى منصور حتى يومنا هذا هو وكل منكرى السنة المطهرة .. على انكار ( حد الردة ) .. ولماذا حد الردة بالذات .. السبب طبعا معروف ، ولذلك يبذل جهده فى التشكيك المستمر فى الأحاديث الصحيحة المروية عن النبى صلى الله عليه وسلم وعلى رأسها حديث النبى صلى الله عليه وسلم (( لايحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث .. زنا بعد إحصان .. أو ارتداد بعد إسلام .. أو قتل نفس بغير حق قتل به )) .. وعندما تحدث صبحىمنصور عن هذا الحديث فى كتابه أوهم القارىء بأن الحديث لم يروه سوى الإمام مسلم فى صحيحه .. أو كما يقول تطاولا : تلقفه (( مسلم من الأوزاعى )) بعد أن منحه السند والعنعنة ؟؟
ثم لم يلبث أن يناقض نفسه ويتخبط فى كلامه حين يقول فى موضع آخر من الكتاب : (( إن فقهاء العباسيين .. هم الذين جعلوا له اسنادا ثم ذكره مسلم بعد ذلك فى صحيحه .. بعد أن أسقط ( الأوزاعى ) من سلسلة الرواة والسند )) ؟؟
ولاندرى بالضبط .. من الذى اخترع اسناد الحديث - حسب زعمه - هل هو الإمام مسلم كما يقول أولا ؟؟ أم فقهاء العباسيين كما يقول ثانيا ؟؟ أم هو النسيان الذى هو آفة الكذب ؟؟
ثم اسألوا الدكتور المحترم .. ولماذا يسقط الإمام مسلم من سنده ( الأوزاعى ) .. وهو التابعى الثقة الثبت .. إمام أهل الشآم .. الذى عده علماء الأسانيد من الأكابر .. وهو الذى يشرف أهل الحديث وأصحاب الصحاح بالرواية عنه ؟؟ ولماذا يلجأ مسلم إلى اختراع أسانيد للحديث ممن هم أقل من الأوزاعى علما وورعا وضبطا وصيتا ؟؟
ثم إن الحديث لم يروه الإمام مسلم فقط .. وإإن كان ذلك كافيا لثبوت الحديث .. فقد رواه قبل الإمام مسلم .. الإمام أحمد بن حنبل فى أربعة عشر موضعا من مسنده ، ولا أظن أن رجلا يحترم نفسه من الممكن أن يتهم الإمام أحمد بتملق الحكام .. وهو الإمام الممتحن الصابر على البلاء .. وعدالته لاينازع فيها إلا كل سفيه .. ليس هذا فحسب .. بل إن الحديث رواه أيضا الإمام البخارى فى صحيحه وأبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه والدارمى فى مسنده ؟؟
فهل تلقف ( حسب التعبير المهذب للدكتور ) كل هؤلاء الأئمة الأعلام ..هذا الحديث من الأوزاعى .. ثم اخترعوا له الأسانيد ؟؟
ثم اسألوا هذا الدكتور المحترم .. إذا كان فقهاء العباسيين أو الإمام مسلم .. ذمتهم واسعة إلى هذا الحد فى اختراع الأسانيد .. فهل عجز هؤلاء جميعا عن اختراع سند الحديث من ثلاثة أو أربعة من الثقات الذى لاينازع فيهم أحد .. حتى تكتمل اللعبة ولا ينكشف الملعوب على أيدى هذا الدكتور وأمثاله ؟؟
وإذا كان الحديث قد روى من عدة طرق مختلفة غير التى ذكرها مسلم .. فهـــــل تبقى أية قيمة علمية تذكر لكلام الدكتور وطعنه وتجريحه لرواة حديث مسلم ؟؟
ثم تبقى لنا وقفة أساسية مع قصة الإستدلال بالحديث .. بين رواية كبار أهل العلم ، ورواية أخرى متأخرة عن الرواية الأولى بأكثر من مآئة عام .. ولغ فيها الدكتور ولوغا منكرا فى أعراض العلماء الأكابر وافترى عليهم بما يضيق به صدر الشرفاء ؟؟
والقصة الأولى التى تجاهل ذكرها الدكتور تماما .. عامدا متعمدا حتى يتسنى له الطعن فى الحديث وفى سنده .. رواها الإمام الترمذى وغيره وهى أن عثمان بن عفان رضى الله عنه .. لما أشرف يوم الدار .. توسل إلى قتلته قائلا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لايحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث .. زنا بعد احصان .. أو ارتداد بعد اسلام .. أو قتل نفس بغير حق قتل به .. فوالله مازنيت فى جاهلية ولا فى إسلام ولا ارتددت منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ولا قتلت النفس التى حرم الله .. فبما تقتلونى ) (..)
هذه ببساطة هى قصة الإستدلال بالحديث .. وهى تتفق كما نرى مع مناط الحديث .. الذى يعصم الدماء إلا بحقها .. لذلك استدل به عثمان بن عفان رضى الله عنه أمام قتلته ليعصم دمه .. وليس كما يزعم الدكتور من أن الحديث اخترع لإباحة دماء الأمويين على أيدى العباسيين .. والحديث كما نرى .. ليس فيه ما يعين الإمام الأوزاعى أو غيره على تملق الحكام وإطلاق أيديهم وسيوفهم فى دماء المعارضين كما يزعم صبحى منصور وكل منكرى السنة ؟؟
وبقيت لنا وقفة طويلة مع القصة التى يعتبرها صبحى منصور بداية وضع الحديث .. والتى سوف نرى فيها العجب العجاب وإلى لقاء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بقلم : محمد شعبان الموجى
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق