العبقرية العسكرية الناصرية وفن خصخصة الانسحاب



العبقرية العسكرية الناصرية وفن خصخصة الانسحاب 



بقلم : محمد شعبان الموجى






ألم أقل لكم بأن الحب الأعمى .. مسقط للمرؤة والكرامة والشرف .. وأن أكثر الناصريين واقعون فى الحب الأعمى .. ألم أقل لكم أنه لاسبيل للخروج من المأزق الحضارى والأخلاقى .. تقديس الحاكم .. مهما ارتكب من أخطاء فادحة ، وهزائم منكرة ، وانتهاك حقير لحقوق الإنسان ، واهدار لآدميته ، وتزييف الواقع ، وتغيير خلق الله بإشاعة الإلحاد والفاحشة وبلبلة أفكار المصريين وعقائدهم ومسخ شخصيتهم وتاريخهم على نحو لم يشهده مجتمع عربى مسلم من قبل .. إلا بالقضاء السياسى والفكرى على تلك العصابات الناصرية والشيوعية .. لقد تحول الواقع المصرى على أيدى مجموعة من السفلة والأوغاد إلى واقع ردىء ومستنقع آسن لكل أنواع الفساد الأخلاقى والعقائدى والهزائم المنكرة .. فوق ما يتصوره عقل الشرفاء .. وإلى مجتمع يختلف اختلافا جذريا عن مجتمع الأغانى والأفلام والمؤتمرات والخطب والصحافة المأجورة والإعلام الزائف !!


وعندما كتبت عدة مقالات عن فترة حكم عبد الناصر .. كان الهدف هو المساهمة فى خلق لغة جديدة يحكمها العقل والإحترام المتبادل بين الحاكم والمحكومين .. كالتى نراها فى الغرب وفى الدول المتقدمة .. حتى نتخلص من العقدة الأزلية التى تهبط بأخلاق الشعب إلى مصاف العبيد الأذلاء الذين استخف فرعون عقولهم على النحو الذى حكاه القرآن عنهم استهجانا لموقفهم هذا ؟؟


لكن كاتبا ناصريا متعصبا لم تعجبه مقالاتى .. وبدلا من أن يقارعنى الحجة بالحجة .. أخذ يكيل لشخصى كل أنواع السباب والشتائم التى ورثها من بيئته .. بل لقد أصبحت صورتى محلا للإستهزاء والسخرية فى مقالات بعض الأوغاد الناصريين .. أمر غريب فعلا أن تصبح صورة الكاتب موضع نقد منتقديه .. ربما فى التاريخ البشرى كله !! 


المهم أن هذا الكاتب المتعصب يحسب أننا نتوق إلى رد أمثاله على مقالاتنا .. ولايعلم أننا لو علمنا أن أمثاله يقرأون لنا ربما استعصى علينا القلم .. ويحسب هذا المتعصب الأعمى أيضا أنه يصعب علينا أن نجاريه فى سفالاته وبذاءاته .. مع أننا نملك والحمد لله من الكتب والمصادر مايؤهلنا لدخول مثل تلك الأنواع من المعارك .. ولكننا نكتب محتسبين عند الله الأجر والثواب ولذلك لم نتعرض لأشخاص مهاجمينا من قريب أو بعيد .. متمثلين بقول الشاعر :


لكلب الناس إن فكرت فيه .. أضــــر عليك من كلب الكلاب 


فإن الكلب تخسؤه فيخسأ .. وكلب الناس يربض للسبــــاب


والكاتب الناصرى المتعصب لايكتفى بوصلة السباب والردح.. ولكنه يحاول تزييف الحقائق ولى الكلام على هواه .. مدافعا عن إلهه الذى ظل عليه عاكفا .. لقد قلت بالفعل أن عبد الناصر اعتقل معظم القضاة والصحفيين والأطباء والمهندسين ورجال الدين .. لكن الناصرى المتعصب حسب أنه قد أوقعنا يذلك فى شباك التعميم .. وغاب عن هذا المتعصب الناصرى أننا قيدنا عبارتنا تحديدا بـ ( أصحاب الآراء الحرة المعارضة ) .. وليذكر لنا هذا المتعصب الأعمى اسم كاتب واحد أو صحفى أو قاض أو شيخ أو مهندس أو طبيب عارض سياسات عبد الناصر دون أن يعتقل أو يعذب أو يصفع على قفاه ؟؟ 


ولايصدق هذا المتعصب الناصرى أن حادثة المنشية لم تكن سوى تمثيلية مفضوحة وهبلة .. لاتتناسب على الأقل مع القدرات العسكرية والفنية للجهاز السرى الذى أذهل العالم فى حربه ضد اليهود فى فلسطين وكان سببا فى وضعهم تحت المجهر .. حتى أصبح القضاء عليهم وعلى أى مقاومة إسلامية شرطا أساسيا لأى مفاوضات .. لم يصدق هذا المتعصب أن حآدثة المنشية لم تكن سوى حلقة من الحلقات الشيطانية لصنع الزعامة والتخلص من الخصوم وتصفيتهم جسديا .. وإلا فقولوا لنا أيها العقلاء .. كيف يستطيع انسان أن يحسن التصويب بمسدسه وسط هذه الجماهير الزاحفة ؟؟ 


بل إن السيد حسن ابراهيم عضو قيادة الثورة السابق ذهب لمعاينة شرفة بورصة الأسكندرية سابقا ومقر الإتحاد القومى ثم الإشتراكى سابقا (( وهو المكان نفسه الذى وقعت فيه التمثيلية الهبلة )) .. وكان من المقرر أن يلقى فيها الزعيم محمد نجيب خطابا سياسيا ( هآما ) .. وجد السيد حسن ابراهيم أن سور الشرفة عال بحيث طلب اعداد مايلزم أن يقف عليه محمد نجيب ليشاهده الناس .. ووجد كذلك أن أقل مسافة لرؤية الرئيس بوضوح هى 300 متر وهى مسافة تخرج عن المرمى المؤثر للمسدسات فضلا عن دقة التنشين وسرعة الضرب ؟؟ 


ومما يؤكد تلك التمثيلية كذلك أن المتهمين هنداوى دوير ومحمود عبد اللطيف الذين تم تجنيدهما من قبل عصابات ناصر ليعترفا بما لم يرتكباه .. مقابل مكاسب مادية .. كانا يعاملان فى السجن معاملة مترفه حتى أن ملابسهما الداخلية والخآرجية كانت تأتيهما مكوية فى الوقت الذى كسرت فيه جمجمة الشيخ محمد فرغلى وقتل ابراهيم الطيب قبل شنقه .. وحينما غدر بهما عبد الناصر وأمر بشنقهما صاح أحدهما وهو محمود عبد اللطيف قائلا : (( هذا ما لم نتفق عليه )) ؟؟ 


ثم هل يعقل أن يعترف هذان المتهمان على أكثر من عشرين ألف متهم فى أقل من 24 ساعة حتى قامت العصابات الناصرية باعتقالهم وتعذيبهم بأبشع ما يتصور أى بشر من أساليب التعذيب الوحشية المستوردة والمحلية ؟؟ 


ويمضى هذا الناصرى المتعصب فى تبرير سخيف للعبارات المهينة التى أطلقها ناصر معبرا من خلالها عن نرجسيته وتمجيده لذاته .. شاب فى الثلاثين من عمره ماذا تنتظرون منه غير التصور المراهق بأنه هو الذى علم الناس العزة وزرع فيهم الكرامة .. وأن الشعب كله يجب أن يكون جمال عبد الناصر .. ماذا تنتظرون منه غير ذلك .. هذا هو تبرير الناصرى المتعصب .. لكن مالذى جرأه على ذلك .. بينما لم يكن قد مضى على استيلائه على الحكم سوى شهور قليلة .. وكان معه أندادا لايقلون عنه فى شىء إن لم يكونوا خير منه .. لكن الناصرى المتعصب يرى أن التفوه بتلك العبارات المهينة دليل على أن الأمر كان مفاجئا لناصر .. وهو تبرير تافه .. إذ من الممكن أن تكون أيضا مجرد رد فعل مفاجىء على نجاح التمثيلية !!


ثم يتحدث المتعصب الناصرى عن الإنتصار السياسى العظيم الذى حققه ناصر 56 .. ونسى هذا المتعصب الأعمى أنه لولا أن مصالح أمريكا وروسيا وطموحاتهما للإحلال محل الإستعمار البريطانى والفرنسى فى الشرق الأوسط مااستطاعت مصر أن تنتزع الإنذارين الأمريكى والروسى .. والأمريكى على وجه الخصوص فى أنهاء هذا العدوان الذى قضى بالفعل على الإمبراطورية البريطانية .. إذن فلعبة الأمم هى وحدها بعد الله عزوجل .. هى التى أنقذنا من الهزيمة المزرية بعد تفكك الجيش المصرى الذى كانت تحركه عقول فارغة وخطط هبلة .. إن الإنتصارات السياسية الحقيقية لايمكن تحقيقها بغير قوة عسكرية تساندها .. فهل كان الجيش المصرى الذى انهار تماما بعد المهازل العسكرية المزرية التى ارتكبها قادة الثورة فى 56 من الممكن أن يمثل سندا ودعما للقيادة السياسية لتحقيق أى نوع من الإنتصارات السياسية ؟؟ 


إن الحديث عن هزيمة 56 العسكرية .. حديث مؤلم بكل معنى الكلمة .. فمن المضحكات المبكيات .. أنه لولا برقية وكالة يونايتدبرس التى أذاعت البيان الرسمى الإسرائيلى بشن العدوان وتحريك لواء ميكانيكى نحو منطقة الكونتيلا واسقاط كتيبة مظلات إسرائيلية فى منطقة سدر الحيطان فى ممر متلا .. ماعلم ناصر بالعدوان ربما لعدة أيام ؟؟ 


لقد كان الزعيم خالد الذكر يطفىء شموع عيد ميلاد نجله عبد الحميد فى ذات الــــــــــوقت الذى ابتدأت فيه اسرائيل عدوانها وفقا للسيناريو المرسوم مع بريطانيا وفرنسا ؟؟ وبطريقة فتة الثريد يحكى الأستاذ هيكل أنه حينما اتصل بالزعيم مبديا رغبته فى الحضور لمناقشة هذا العدوان .. كان تعليق الزعيم : عندما تفرغ من عشائك مر على ؟؟ يعنى تعال على مهلك ياراجل ؟؟ وهذه الغفلة هى أول وأهم سمات العبقرية العسكرية لناصر .. وهو نفس ما حدث مرة أخرى فى 67 .. حينما كان القادة العسكريون غارقين فى معركة لمشاهدة راقصة الحفل وهى تغير ملابسها فى حجرة القادة ؟؟ 


وحينما رأى الزعيم خالد الذكر ضرورة استخدام سلاحنا الجوى الذى كانت ترهبه وتخشاه اسرائيل .. وجدوا أن الطائرات بدون بنزين .. أى والله العظيم وهذه ثانى سمة من سمات العبقرية العسكرية لناصر ؟؟ 


أما ثالث سمة لتلك العبقرية الفذة .. فكان فى قرار الإبقاء بعد ذلك على الطائرات فى مخابئها حفاظا على حياة الطيارين .. منتهى الذكاء ؟؟ 


وأما السمة الرابعة فى العبقرية الناصرية فهى الإنسحاب وترك كلاب العدو تهوهو فى صحراء سيناء وحتى الضفة الشرقية .. تمثلت أيضا تلك العبقرية فى خصخصة الإنسحاب .. فإذا كانت كل الجيوش تتعرض لخيارالإنسحاب أحيانا كثيرة لكن وفق خطط عسكرية محكمة .. إلا أن الإنسحاب وفقا للعبقرية الناصرية كان يتم وفقا لمبدأ الخصخصة ووفقا للمبدأ القائل : كل واحد ينسحب على حسابه وبالطريقة التى يحبها وهو نفس ما حدث أيضا فى 67 ؟؟


حتى الإبقاء على القادة المنهزمين الخائبين الهاربين فى 56 إلى 67 .. كانت أيضا إحدى أهم سمات العبقرية الناصرية .. فقد بقى صدقى محمود والمشير عبد الحكيم عامر بعد أن تمت ترقيته سبع رتب دفعة واحدة ؟؟


بل ومن أهم تلك السمات فى العبقرية الناصرية .. استهتار القادة بقائدهم .. والضحك على ذقنه .. حتى أنهم سرقوا البنزين من سلاح الطيران كله فى 56 مما فوت علينا نصرا محتملا على عدونا فى وقت كان الفارق التكنولوجى بيننا وبينهم قريب .. وفى 67 اكتشف أيضا أن قادة الجيش لم تكن لهم علاقة بالحرب أو الصواريخ .. اللهم إلا صواريخ الساقطات .. وهذا يؤكد مبدأ اجتماعيا هآما لمعرفة الفرق بين العظماء والصعاليك .. أو بين الزعماء الحقيقين والزعماء الذين تصنعهم الصدفة أو الإعلام الموجه .. وهو مايسمى بالخلطة الفاضحة .. فأقرب الناس قربا ومعايشة للعظماء أكثرهم احتراما وتقديرا و محبة وعشقا وقناعة بتلك الجوانب العظيمة التى لم تكن لتظهر لهم بدون تلك الخلطة .. وأقرب الناس قربا بالصعاليك و الدجالين والزعماء الزائفين أكثرهم استهتارا وبغضا لهم لما يظهر لهم من جوانب ضعف ؟؟ 


ويحاول الناصرى المتعصب أن يلقننا درسا فلسفيا فى الفرق بين الذاتى والموضوعى .. محاولا تفسير المواقف الشاذة لبعض الكتاب والصحفيين الذين اهينوا وسلبت حريتهم وتعرضوا لكل أشكال الإهانة والتعذيب والركل بالأحذية فى سجون ناصر ثم بعد ذلك خرجوا يمجدون عصر الطاغية ويدافعون عنه تحت زعم أن أعماله عظيمة وأخطاؤه عظيمة .. فهل اعتقال وتعذيب وإهانة كاتب أو صحفى أو قاض .. أمرا ذاتيا أم موضوعيا ؟؟ هل حبس السعدنى أو صلاح عيسى كان من أجل مشكلة نــــفقة أو شيك بدون رصيد أو أى مشكلة عائلــــــــــــية مع الزعيم .. أم أنهما حبسا واهينا من أجل ممارستهما لحرية الرأى والنقد .. هل حرية الشعب وكرامته وحقوقه ذاتى أم موضوعى ؟؟ والذين انتهكت أعراضهم وأهين شرفهم .. هل قضيتهم قضية ذاتية أم موضوعية مجرد سؤال للوغد ولكل وغد ؟؟


وأخيرا يتحدث الوغد عن المد الناصرى الذى تجاوز الأمريكتين .. ونسى أن المد اليقرى ولامؤاخذة أكبر وأعمق بكثير من المد الناصرى .. لأن الذين يعبدون البقر أكثر بكثير من الذين يعبدون الديك الرومى .. وأنه إذا كان للناصريين أكثر من 60 ناديا فى أمريكا .. ففى أمريكا أيضا أكثر من 60 ناديا يمارسون الشذوذ .. 


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 









TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق


الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *