لو كان جوهر الخلاف بيننا و بين العلمانيين منحصرا فى مسألة تسيس الديـــن أو تديين السياسة ...لكان الأمــر أيسر مما نتصور ..لأن تمدد موضوعات السياسة و تشعبها ، و كذلك تمدد موضوعات الدين و تشعبها ، و التداخل الطبيعى لكلا الموضوعين (( السياسة و الدين ) كفيل بالرد الحاسم عليهم و إبطال حججهم ؟؟
و لو كان للعلمانيين دين بغير سياسة كما يدعون لأمكن إعتبارهم فرقة من الفرق الصوفيــة التى لا تشتغل بالسياسة مثلا ؟؟
لكن جوهر الخلاف الحقيقى يكمن فى المسألة الأخلاقيــة ..أو بمعنى آخر يكمن فى المرجعية الأخلاقية بيننا و بينهم ؟؟
فالأخلاق فى الاسلام كما هو مصدرها الأساس القرآن الكريم و السنة المطهرة .. أما هؤلاء العلمانيون ..فمرجعية الأخلاق عندهم تنحصر فى المجتمع كمصدر تشريعى وحيـــد .. فى تحـــديد العيب ، و ما يجوز و ما لا يجوز ..حسبما قرر ذلك دور كايم و استاذه المجنون اوجست كونت .. فالمجتمع عندهم بديل عن الله عز وجل فى التشريع الأخلاقى !!
و للأسف الشديد فان هذه المرجعية الأخلاقية أصبحت هى المسيطرة على كآفة التصورات الأخلاقية .. ليس فى الغرب وحده .. و إنما فى الشرق أيضا ... خصوصا فيما يتعلق بالمرأة و علآقتها بالرجل ... لا سيما وأن أجهزة الإعلام و التوجيه و التثقيف عندنا ..آلت إلى نخبة فقدت إيمانها بربها و دينها تماما .. و فقدت كذلك كل صلة بالتراث الاسلامى ..الذى هو قلب تراثنا ، و أهم عنصر فيــه ؟؟؟ ..حتى أصبحت وزارة التعليم و الاعلام و الثقافة فى بلادنـــا ... طمس الهوية الإسلامية و إبدالها بالأخلاقية الوضعية ، و أصبحت مهمتهم كذلك ايجاد جيل لا يستحى من أعضائه التناسلية ؟؟ و لا من ارتباطه بعلاقات محرمة و شاذة ؟؟
و مظاهر ذلك أكثـــر من أن تحصى و أشهر من أن تذكر .. على سبيل المثال ...تأخذك الدهشة و تتملكك الحسرة من تلك الشروط و القيود الأخلاقية التى تفرضها الرقابة على المصنفات الفنية والأدبيـــة ، و التى تجيز من خلالها الجرائم الأخلاقية و الكثير من مشاهد الإغراء الجنسى و الحوار البـــذىء بشروط عجيبة ..فالقبلة بين الرجل و المرأة مباحة فى دين وزير الإعلام و لجنة الرقابة ..بشرط الاتستمر أكثر من كذا ثانية ؟؟ و ألا تزيد حرارتها عن كذا درجة مئوية ؟؟ و إبراز صدر المرأة و ذراعيها و سيقانها ..مباح كذلك فى دين وزير الاعلام و لجنة الرقابة ...شريطة ألا يتجاوز ذلك ما تخفيه ورقة التوت .. االحجاب العلمانى الشهير .. و هو أقصى ما تتحرك له نخوة العلمانيين ، و هو أيضا محل خلاف و جدل فى الاوساط العلمانية .. فمنهم من ينادى الآن بسقوطها ..أى ورقة التوت ؟؟؟
و مشهد العلاقة الجنسية بين الرجل و المرأة حلال بلال بشرط ألا يستمر على الشاشة أكثـــر من كذا ثانية .. و هكذا تجد نفسك أمام العديد من الشروط و القيود الأخلاقية أو اللأخلاقية بمعنى صحيح ..و التىلا تؤكد على أن وزراء الاعلام و التوجيه و التربية عندنا لايؤمنون بحكاية ستر العورات ووجوب ذلك شرعا ...و اغرب من ذلك ..وضعهم للافتة (( للكبار فقط )) و كأن هؤلاء الكبار مرفوع عنهم التكليف الشرعى ..أو من التابعين غير الاربة من االرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات االنساء ... الأغرب من ذلك كله هو انعدام المسئولية الجنائية و الأدبيــة عن (( الفنانين و الفنانات )) ..الذين ارتكبوا بالفعل مشاهد مخلة بالشرف و الآداب .. حيث تكتفى الرقابة بحذف المشاهد ، وقد يعقب ذلك منح هؤلاء الذين ارتكبوا بالفعل تلك الموبقات جوائز الدولة التقديرية بدلا من جلدهم أو وضعهم فى الحبس ؟؟؟
مما يؤكد حقيقة الدور التخريبى الذى يقوم به العلمانيون فى بلادنا تحقيقا لهدفى الماسونية و الصهيونية ..هدم الأخلاق ، و تذويب العقائد ..و يؤكد كذلك على أن المسألة تتجاوز بكل تأكيد إشكالية العلاقة بين الدين و السياسة ..الستار الذى يتخفى وراءه الوجه العلمانى القبيح !!
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق