كل علامات الساعة الصغرى .. ظهرت تقريبا فى عهد حكومة عاطف صدقى .. مثل كثرة الهرج (( القتل العشوائى )) ، والامر بالمنكر والنهى عن المعروف ، وشيوع الفاحشة و ممارسة الزنى واللوط علانية كما يحدث فى مستعمرات العراة التى تسيطر عليها الصهانية فى سيناء والبحر الاحمر .. ثم ضياع الامانة فى كل مؤسسات البلد تقريبا ... إلى اخر ما هو مشاهد من مظاهر الفساد , و ما خفى كان أعظم ؟؟؟
آخر تلك العلامات التى تبشر بقرب قيام الساعة .. تحول فريضة الحج إلى بيت الله الحرام .. على أيدى الحكومة و شركاتالسياحة .. إلى { نزهة للسلاطين ، و تجارة للآغنياء ، و مسألة للفقراء ، و سمعة للقراء } ؟؟؟
فتأشيرة الحج وصل سعرها فى السوق السوداء إلى أكثر من ثلاثة آلاف جنيه .. و أصبحت الحكومة ترشىبها عملاءها ، و أصحاب المصالح المتبادلة ..و صار الحج على نفقة الدولة لذوى السلطان و ذويهم ..إحدى علامات الموسم ..ناهيك عن هذا الشىء المجهول الذى يسمى بالبعثات الرسمية و الطبية و الأمنية .. و التى لاتكاد يلمس لها الحجيج أثرا يذكر الا ساعة رمى الجمار ؟؟؟
و أصبحنا نسمع عن الحج الفاحر و السوبر و السريع ..الذى لا يستغرق سوى خمسة أيام فقط تقضى معظمها بليل جدة ...متنزها بين رياضها البديعة .. مستمتعا بجوها الهادىء بعيدا عن ضوضاء الحجيج , و زحام الطائفين و العاكفين و الركع السجود ..و ما عليك فقط إلا أن تتحمل سويعات قليلة مكيفة الهواء لإداء بعض الشعائر التى لا يمكن تأديتها بجدة ؟؟؟ ناهيك عن صنف ثالث من الحجاج المصريين يعتبرون موسم الحج هو الموسم المفضل للشحاذة الأفرنجى .. بالريال و أخواته ؟؟
صار الحج عنوانا على حب الدنيا و الإقبال على الملذات .. و اختفى المطلوب القرآنى المباشر , و المقاصد السامية التى شرع لأجلها سفر و فريضة الحج ..تماما كما حدث فى سائر العبادات الاخرى ..مما كانت تقتضيه من صفاء القلب ، و طهارة الباطن ، و التنزه عن الشهوات ، و الكف عن الملذات ، و الاقتصار على الضرورات منها ، و التجرد لله سبحانه فى جميع الحركات و السكنات ، و طلب الأنس بالله ، عز وجل و ترك اللذات الحاضرة و إلزام النفس بالمجاهدة الشآقة و الرياضة الروحية ..طمعا فى التزود بزاد الآخرة ؟؟؟
و نظرة واحدة على اسلوب و أداء كثير من الحجيج لأركان الحج و شعائره .. ثم نظرة اخرى فى مشاكل المعايشة و الخلطة و أماكن إيواء الحجيج ، و التقاتل على نيل بعض الحقوق المعيشية المؤقتة التافهة دون مراعاة لمشاعر الآخرين ..ثم نظرة ثالثة على جموع المودعين و المستقبلين للحجيج ، و قد ارتدت بعض نسائهم و بناتهم ( الاسترتش ) و ( الملابس القصيرة ) و اسدلن شعورهن دون مراعاة لقواعد الدين .. أو جلال المناسبة ...ثم نظرة رابعة إلى الأفواج العائدة التى تتقدمها عربات امتلأت عن آخرها بكل متع الحياة ..يذكرنا بقول الشاعر : { حج و كأنه لم يحج .. و كاد البيت منه أن يهج ..ذهب بزنبيل من الخطايا و عاد بزنبيل و خرج } ؟؟
لقد أصاب المسلمين الجدب الروحى ، و الخواء الإيمانى ، و الإفلاس الوجدانى ..فى معظم أركان الإسلام ... التى ما فرضت إلا لإقامة الدين فى القلوب .. و بناء علاقة قلبية مباشرة بالله عز وجل .. و حينما تريد أن تدرك حجم هذه ( المأساة الإيمانية ) التى تعايشها اليوم ..علينا فقط أن نقارن بين صلاتنا و صلاة الصحابة رضوان الله عليهم .. و بين صيامنا و صيامهم .. و حجنا و حجهم .. و هو ما يمكن ارجاعها الى أمرين هآمين :
الأول : حب الدنيا و الانغماس الاستهلاكى فى حضارات المترفين .. و هنا ينبغى أن نفرق بين الزهد فى الإنتاج و العمل .. و هو المذموم شرعا .. لتعارضه مع وظيفة الإستخلاف فى الأرض .. و ما تفرضه الضرورات الحياتية لحياة حرة كريمة بين الامم ، و بين الزهد فى الإستهلاك و الإكتفاء بالضرورات المعيشية ، و الابتعاد عن الكماليات و مظاهر الترف الاستفزازية .. أو بمعنى آخر أن تكون منتجا أكثر منك مستهلكا .. و هى المظاهر المقصودة بالذم فى القرآن (( المأمور بصرف الخلق عنها و دعوتهم إلى الآخرة ..بل هو مقصود الأنبياء عليهم السلام و لم يبعثوا الا لذلك )) ؟؟ و لكن أكثر المسلمين اليوم .. قلبوا المعادلة الاسلامية .. زهدوا فى الانتاج و العمل .. فى الوقت الذى أقبلوا فيه على زينة الحياة الدنيا و الاستهلاك الشديد فى الكماليات و الملذات و أسباب الترف المستوردة ؟؟؟
الثانى : تقهقر الوظيفة الاساسية للدعاة الى الله ..الموكول إليهم هداية الخلق إلى طريق الحق و إلى طريق الآخرة ..بعد أن أصبحوا حسب تعبير المودودى رحمه الله : جماعة عسكرية الهية .. برزت الدعوة إلى تطبيق أحكام الشريعة و الحدود و الإفتتان بالأشكال و الظواهر ...تضخم فقه الظاهر .. و اختفت أو ضعفت الدعوة إلى إقامة الدين فى النفوس و إصلاح القلوب و إحياء علوم الدين .. بعد أن استهلك العمل السياسى و الحديث عن ديمقراطية الإسلام و مجتمعه المدنى . . و المصادمات الدموية مع الحكومات .. الرصيد الروحى للصحوة .. أو كما يقول وحيد الدين خآن : (( صرفت الأنظار عن الأهداف الحقيقية للدين ـ الإنذار و التبشير ـ و توجهت كآفة الجهود للحصول على السلطة و تنفيذ القوانين الإسلامية ( على الآخرين ) ..تلك هى النفسية التى نشأت عندج أصحاب هذا التفسير السياسى للدين )) ؟؟؟
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق