المؤيدون و المعارضون لحد الردة فى الإسلام .. يخلطون بين الحديث عن الطاعة الدينية لله عز وجل ، و بين الطاعة السياسية للدولة الإسلاميـــة ؟؟؟
و لهذا نجد كل فريق يستدعى مجموعة من الآيات و الأحاديث النبوية ..يعارض بها الفريق الآخـــر ، و بديهى أن الخطاب الدينى منزه عن التناقض و الإختلاف ... و إنما يأتى التناقض و الإختلاف من الخلط بين مناط عمل الطاعتين (( الدينية و السياسية )) ؟؟
فالذين يبرزون آيات النهى عن الإكراه فى الدين فى وجه من يتحدثون عن حد الردة و الإنخلاع عن الطاعة السياسية فى الدولة الإسلاميــة مخطئون .. و الذين يبرزون آيات السيف و القتال فى وجه من يعارضون الاكراه فى الدين ، و شق قلوب الناس مخطئون ايضا !!
فالطاعة الدينية هى عنوان العلاقة بين العبد و ربــه ، و محلها القلب ، و هى لطبيعتها الخفية لا يعقل و لا يتصور أن يكون لأحد سلطان على محاسبة الناس على التقصير فيها أو الانخلاع عنها .. اللهم الا اذاكانت لديه القدرة التفتيش على سرائر الناس و شق قلوبهم ... أو كان ممن يدعون أن الله قد كشف لهم عن علم الغيب بالوحى و الالهام ، و لاأظن أن مسلما يدعى ذلك !!
و تلك الطاعة ( الدينية ) هى التى وردت بشأنها آيات عدم الاكراه مثل قوله تعالى { لا اكراه فى الدين } { أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين } { لست عليهم بمسيطر } الخ؟؟
أما الطاعة السياسية للدولة الاسلامية.. فهى عنوان العلاقة بين الفرد و بين المجتمع ، و محلها الأفعال و الأعمال و الأقوال المعلنة التى تعبر عن مدى احترام الفرد فى المجتمع الاسلامى و خضوعه لاحكام الاسلام و لشريعة الاسلام .. و تؤكد على مدىالتزامه بالعقد الاجتماعى بنه و بين الجماعة !!
و إذا كانت الطاعة الدينية غير مطلوبة قسرا من كآفة أفراد المجتمع الاسلامى الذى يضم بطبيعة الحال غير المسلمين { فمن شاء فيؤمن و من شاء فليكفر } .. إلا أن الطاعة السياسسية مطلوبة على سبيل الالزام و الوجب حتى و لو قسرا من أفراد المجتمع الاسلامى ..حتى من غيرالمسلمين !!
و لذلك لا يقبل فى المجتمع المسلم الا الاسلام ... و لو ظاهريا كصورة ممن صور الطاعة السياسية ... و ليس كعقيدة بالضرورة ... أو الجزية (( التى تمثل هى الاخرى صورة من صور الإذعان السياسى للدولة )) !!
و جدير بالذكر .. أن هذا الأمر لا يتعلق بالدولة الإسلامية وحدهـــا بل تشترطه كل المجتمعات المدنية ..حيث لايقبل فيها مجترىء على القانون ، أو طاعن فى الدستور ، أو محتقر للنظام الاجتماعى السائد ..لأن وجود مثل هذا العضو المتمرد فى المجتمع ..شــر مستطير و مصدر من مصادر الفتنة !!
و هذه الطاعة السياسية ..ورد بشأنها العديد من الآيات مثل قوله تعالى : { حتى يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون } { قاتلوا الذين يلونكم من الكفار } و قوله r (( من بدل دينه فاقتلوه )) الخ ؟؟؟
كذلك فانه من المهم الاشارة الى ان الخروج عن الطاعة الدينية غير مؤاخذ عليه فى الدنيا ..طالما بقى فى طى الكتمان أو حبيس المجالس الخآصــة ..كما يفعل المنافقون ..إلا أن الخروج عن والانخلاع من الطاعة الدينية لو أعلن فى المجتمع صراحة ..فإنه يعنى بلا أدنى شك ..الخروج عن الطاعة السياسية ، وإعلان التمردعلى القانون و الشريعة الاسلامية و نقض لعقدها الاجتماعى !!
و من الخطأ الجسيم الاستدلال على إنكار حد الردة الذى مناطه فقط الخروج عن و الانخلاع من الطاعة السياسية ..بعدم قتال الرسول e للمنافقين ..لأن المنافقين و إن انخلعوا عن الطاعة الدينية بشكل غير واضح و لا معلن ..إلا أنهم يلتزمون و لو بشىء من الحيلة ..بالطاعة السياسية و الأحكام الظاهرية للآسلام !! ...{و إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا و إذا خلوا الى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون } و لذلك فمناط الحكم بقتل المرتد هو الانخلاع عن الطاعة السياسية بشكل معلن وواضح..ناهيك عن التواطؤ مع الأعداء و محاربة المسلمين علانية !! < H,Hhhhhhhhhhh
و بناء عليه .. فإن النصاب الشرعى لإقامة حد الردة ..هو قيام الدولة الإسلامية التى تحكمها التصورات الإسلامية ..و تعلوها أحكام الشريعة الاسلامية ..و هذا النصاب الشرعى غير متوافر الآن فى أكثر البلدان الإسلامية ...التى تحتفى فى أحيان كثيرة بالملحدين و المرتدين ، بل و توليهم المناصب الثقافية و الإعلامية و التربوية ..مما يعنى عدم جواز لإقامة الحد على المرتد الآن ، و هو ما دفع فضيلة الشيخ الغزالى بذكاء و فطنة الى التوقف عن قتل المرتدج ، و الاكتفاء بنفيه أو حبسه لانتفاء الجريمة السياسية (( إنعدام الجهة المتوجه إليها بالطاعة السياسية الإسلامية )) ، و لإن بقى علينا واجب استتابة المرتد و الحوار معه بالحسنى ، و إن استمر طيلة حياته على الكفر ؟؟
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق