أبو زيــــد و الإستــحمار العلمانــــى ......... ( 2 )



ما يريد أبو زيد و إخوانه أن يقولوه بالتصريح أحيانا ..و بالتلميح أحيانا اخرى .. أن القرآن الكريــم .. أصبح (( موضــة قديمة )).. أو حسب تعبيرهم العلمى .. ( واقعة تاريخية ؟؟؟ لامجال لانتزاع لغته من سياق بعدها الاجتماعــــى ) ؟؟.. و إن كان يريد أن يطمئننا على أن ذلك لا يتنافى مع الإيمان بمصدره الالهى ؟؟ الحمد لله يا شيخ ؟؟ 

& لقد كان المفترض وفـقا لهذا الزعم الكافر.. أن ينتهى دور القرآن نهائيا بانتهاء العصر الذى نـــزل فيــه ؟؟ فهو كما يقول ليس إلا (( واقعة تاريخية )) .. لكن الرجل لم يشأ أن يهتك ستره أكثر من ذلك .. فانتهى به الأمر الــى التخبط و التناقض .. حينما يعزى هذه الواقـعة التاريخية (( فى موضع آخر )) إلى تفسير النصوص و فهمها .. لا إلى النصوص ذاتها ؟؟ بل يؤكد على ضرورة إعادة تفسير تلك النصوص بما ينفى عنها الأسطورة و الخرافـــة (( على النحو الذى كان سائدا منذ زمن النبوة )) ؟؟؟ 

& فتفسير النصوص المقدسة (( القرآن الكريم )) و بيانها حسب زعمه .. يرتد فى النهايــة إلى فهم البشر للوحــى و تأويلاتهم له .. و لكن هذا الفهم البشرى للوحــى .. و هذا التأويل لأياته .. لا يخضع كما قلنا سابقا حسب زعمه لأية قواعد أو ضوابط .. و بالتالى يستحيل (( فى العقل )) وفقا لهذه (( الـفوضى التفسيرية )) التى يقررها أبو زيد .. أن يكون الكتاب الكريم .. كتاب (( هداية للبشر )) كما ينص القرآن الكريم ذاته على تلك الحقيقة .. إذ يصبح الحاكم الشرعى الحقيقى .. هو أفهام البشر وتأويلاتهم و أهوائهم ..و ليس المعنى المتبادر إلى الأذهان من ظاهر النصوص ..و تلك الأفهام و التأويلات بالطبع غير ملزمة إلا لأصحابها .. و يصبح التحاكم .. من ثم .. الى كتاب الله .. وكذلك طاعةالله ، و إتباع دينــه .. هو فى حقيقة الأمــر .. تحاكم و طاعة و إتباع لأهواء البشر و تفسيراتهم و أغراضهم ؟؟ 

& و إذا كانت العقول تتفاوت فى ألأفهام تفاوتا شاسعا .. حتى أن اختلاف أًصحاب (( المذاهب العقلية )) أوسع و أكثر من اختلاف أصحاب(( المذاهب النقلية ))..و هذه مفارقة عجيبة ..و مسلمة تاريخية جديرة بالتأمل ؟؟؟؟؟.. فإننا بلا شك سنكون حتما أمام حشد هائل من التفاسير و الأفهام و الأغراض و الأهواء و الإتجاهات النفعية .. التى يستحيل معها ترجيح مذهب تفسيري على آخــر .. و لا حتى مذهب أبو زيد ذاته ..مما يزيد الطين بله كما يقولون .. لأنه إذا كان ابو زيد يشتكى من تعدد أوجه التفاسير .. و انحرافها عن الصواب .. هذا مع وجود ضوابط اصولية كثيرة لعملية التفسير ... فكيف إذا فتح الباب على الغارب .. لكل من هب و دب .. و كيف إذا اطلقت عملية التفسير و التأويل من تلك الضوابط و القواعد الأصولية ..؟؟؟ سيزيد بلا شك تعدد التفاسير .. و يتعدد الخرق و الإنحراف ... و لو صح أن يكون (( العقل )) وحده مرجعية مستقلة ووحيدة فى فهم النصوص دون ضابط و لا رابط .. لاجتمع أهل كل عصر من أصحاب المذاهب العقلية على فهم واحد .. و على تفسير واحد ؟؟و هذا ما لم يحدث على الإطلاق ؟؟ 

& و حقيقة الخلاف بيننا و بين أبو زيد .. أنه يريد أن يجعل من العقل أداة لتفسير مادى (( و ليس عقليا كما يروج هو و إخوانه بغـبـاء شديد )) يهدم أصول الدين قبل فروعــه .. بينما نريد نحن أن نجعل من العقل أداة لفهم النصوص من خلال قواعد و ضوابط قطعية يعرفها أهل الإختصاص ..و مما يؤكد الإتجاه التخريبى لنصر أبو زيــد .. أنه يعيب على (( التيار المعتدل )) .. أنه يقبل الخلاف فقط فى المسائل الجزئية ؟؟.. بينما يرفضها فى المسائل الكلية الأصولية ؟؟؟ ... و ينعى عليهم (( الحسم و اليقين و القطع )) فى تلك الأمور الإيمانية ؟؟؟ ..كما ينعى عليهم ادعاء الحقيقة المطلقة إذا تجاوز الأمر إلى الأعماق و الجذور ؟؟؟ ..سبحان الله .. كأنه يريد دائما من المسلم أن يكون فى حالة (( شك و ريبة و تردد)) تجاه عقيدته و ايمانه .. و لا يعلم أبو زيد زمانه هذا .. أن الشك فى الإيمان يبطـله ..و هذه (( مسلمة عقلية )).. إذ يتنافى فى (( العقل )) أن يجتمع اليقين مع الشك .. و التصديق مع الريبــة و التردد فى آن واحد ؟؟ 

& و ربما لو توقف أبو زيد عند قضية (( تاريخية الآيات التشريعية )) .. لالتمسنا له عذرا ما .. و إن كنا نختلف معه بالطبع .. لكن الرجل الذى يزعم تمسكه الشديد بالعقل .. يضرب بعقله عرض الحائط .. حين يزعم أن(( العقائد و الأصول )) كذلك ليست لها صفة الديمومة و الثبات ..وتخضع هى الأخرى للموضة ؟؟؟..و يجب أن يتجدد حولها الفهم دائما .. بما ينفى عنها الأسطورة و الخرافــة (( على النحو الذى كان سائدا منذ زمن النبوة )) ؟؟؟ و هذا اهدار آخر (( لمسلمة عقلية )) .. فلاالعقائد ولا القصص و لا الأمور العقلية القطعية و لا الأمور الحسية ولا الأدعية و لا الأحكام التى تكون واجبة وجوبا ذاتيا (( مثل آمنوا .. و لا تشركوا )) و لا الأحكام المؤقتة قبل وقتها المعين (( اعفوا و اصفحوا حتى يأتى الله بأمره ...)) .. كل هذه الأمور لايجوز فيها ( عقلا و شرعا ) النسخ و لا التاريخية ؟؟ 

& إن أبو زيد يخدع الناس حينما يزعم أنه يريد تفسير(( النصوص المقدسة )) .. (( تفسيرا عقليا )) ينفى عنها الأسطورة و الخرافــة ؟؟؟ و الحقيقة أنه مجرد شيوعى مادى يريد أن يفسر الدين (( تفسيرا ماديـــا )).. ينفى من خلاله كل ما لاتدركه الحواس .. مع أن الإيمان بالغيب هو أساس الإيمان .. بل إنه لا معنى للإيمان بدونه ..و هذه (( مسلمة عقلية بديهية )) .. إذ أن الإيمان لا يكون بموجود ملموس مشاهد ... و هو ما يضعنا مرة اخرى فى مواجهة الفكر المادى الكافر الذى واجهته الرسالات السماوية منذ فجر التاريخ البشرى ؟؟ 

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، 

بقلم : محمد شعبان الموجـــــى
TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق


الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *