الإسلام لايأمر بالفحشاء والمنكر !!


محمد شعبان الموجي

فى هذه الجولة السياحية التى وعدنا فيها الشيخ خليل الشيوعى بالطواف والسعى حول معالم تلك القيم والتقاليد الإباحية والفوضى الأخلاقيــة التى سادت زمن النبوة ( الفترة الأمل ) أو ( مرحلة التدشين ) حسب تعبير خليل .. وتلك الفضائح والمخازى من وجهة نظره .. إما يجهلها المتحدثون عن جلال ذلك العصر الذهبى فى الإسلام .. وإما أنهم قرأوا عنها فى ( المصادر ) ومن ثم أحاطوا بها ولكنهم غطرشوا عنها .. أى تعاموا عن فضائح الإسلام والإنحلال الأخلاقى والإباحية التى سادت عصر النبوة والصحابة حسب تفسير خليل الشيوعى .. لأسباب كثيرة فى مقدمتها ( لزوم أكل العيش ) .. هذه هى المقدمة التى خطها خليل الشيوعى بيداه .. تبت يداه .. والتى يقف بسببها الآن بين يدى النيابة العآمة محاطا بطائفة من المنافقين الذين يتحايلون لإثبات أن خليل قصده شريف .. وبذلك يخرج من القضية كالشعرة من العجين ويتحول إلى بطل وإلى مجاهد أعظم !!


و فى هذه الجولة التى بين أيدينا الآن .. لايكتفى خليل بالنظرة المريضة من ثقب الباب .. والتى تتحول معها المواقف المشروعة إلى ممنوعة ..والحلال إلى حرام والطبيعى إلى شاذ .. والتى رأينا فيها كيف أصبح توجه صحابية جليلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسؤال حول طهارة المرأة من الجنابة .. إلى حديث جنسى ومشهد مبتذل .. وأصبحت الصحابية الجليلة التى تسأل عن أمر من أمور دينها .. فى نظر خليل إمرأة لعوب تخوض فى الفحش وفى الكلام الجنسى ( الغويط ) .. دون أن ينكر عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أو ينهاها عن الخوض فيــه .. لكن خليل الشيوعى المريض .. يرى فى هذه الجولة التى وعدنا فيها بمرمطة سمعة العصر الذهبى فى الوحل وتلطيخ وجهه بكل أنواع القاذروات .. أن النبى صلى الله عليه وسلم قد أمر صحابية جليلة بأن تخلع ثيابها وتخرج ثدييها لترضع شابا مراهقا من لبنها حتى يصبح ابنها من الرضاعة و يحل له أن يدخل عليها ويرى منها ما يراه الولد من إمه !!


وأصل الحكاية .. أن امرأة مسلمة هى سهلة بنت سهيل .. جاءت إلى النبى صلى الله عليه وسلم .. تشتكى إليه قائــلة : إنا كنا نرى ( سالما ) ولدا ( وكان قد تبناه زوجها قبل تحريم التبنى ) ، وكان يأوى معى ومع أبى حذيفة فى بيت واحد ويرانى ( فضلا ) أى على الهيئة التى يراها فيها محارمها ، وقد أنزل الله عزوجل فيهم ماقد علمت .. فكيف ترى فيه ؟؟


فقال لها الصادق المصدوق .. أرضعيه فأرضعته خمس رضعات فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة !! وبذلك كانت عائشة رضى الله عنها تأمر بنات أخواتها وبنات إخوتها أن يرضعن من أحبت عائشة أن يراها ويدخل عليها !! 


ولاشك أن المسلم الحق لايشك بداهة فى أن ( الرضاعة ) هنا ليست عن طريق الثدى مباشرة .. وإنما بحلب اللـبن أولا ثم تناوله بعد ذلك .. لأن الناقد الشريف .. حينما يقرأ آية فى القرآن أو حديثا شريفا ويرى أن فى ظاهرهما مايخالف المتعارف عليه من القيم والتصورات والأخلاق والمستقر من الأحكام .. فإنه يجهد نفسه فى التوفيق بين كآفة الأدلة الشرعية .. بحيث يرد المظنون به إلى المقطوع فيه .. والجزئى إلى الكلى .. والطارىء إلى المستقر ولو بصرف المعنى عن ظاهره أو تفسيره على وجه من الوجوه لايتعارض مع المعلوم من الدين بالضرورة .. وأما إن أعجزه الفهم .. فإنه إما أن يتوقف عن العمل بالحديث مع إحسان الظن بالنبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام .. وإما أن يشك فى نسبة الرواية إلى النبى صلى الله عليه وسلم أصلا كما يفعل منكرو السنة فى كثير من الأحوال تنزيها للإسلام عن النقص والتناقض .. وهم بلاشك أشرف من خليل الشيوعى الذى يعدنا بأن جولته السياحية التى سيلطخ بها وجه الإسلام .. كلها من خلال آثار صحيحة أصيلة قوية لاضعيفة ولا مرفوعة .. يعنى التهمة لابسه الإسلام لبساه لامفر من ذلك !! 


لقد سلك خليل نفس مسلك كفار قريش الذين كانوا يطوفون بالبيت عرايا نساء ورجالا .. فإذا نهوا عن ذلك قالوا { وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها } ، وهنا يؤكد القرآن الكريم قاعدة راسخة فى الإسلام يجب ألا تغيب عن أذهاننا ونحن فى صددالحديث عن تلك الرواية التى مرت بنا وأمثالها .. يقول الله عز وجل : { قل إن الله لايأمر بالفحشاء أتقولون على الله مالاتعلمون } الأعراف .. لكن خليل يؤكد أن النبى صلى الله عليه وسلم المشرع عن الله .. قد أمر تلك المرأة بممارسة الفحشاء وبفعل ما لاترضاه أى إمراة من الصعيد أو الدلتا تماما كما كان يردد فرج فوده سرا وعلانية من أن القرآن قد أباح ممارسة الدعارة بشرط عدم الإكراه وفقا لتفسيره الفاسد لقوله تعالى { ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا }.. مع أن الآية وردت فى سورة النور التى تقرر جلد الزانية والزانى والنهى عن الرأفة بهما ، وتقرر كذلك فريضة غض البصر عن زينة المرأة بل وأمرت النساء بغض البصر عن الرجال .. وقد كان من الطبيعى أن تفهم هذه الآية وفقا لما قررته السورة ذاتها من أصول وقواعد .. وكان هذا كافيا لصرف فرج فوده وغيره عن تلك التفاسير المضللـة المغرضة .. ولكنــــه وأمثـــاله كان يرون أن تلطيخ وجه الإسلام هو الحل ؟؟ 


وبالمثل تماما .. لو كان لخليل عقل سليم ودين قويم .. لأدرك إستحالة أن يكون المقصود بقول النبى صلى الله عليه وسلم لسهلة بنت سهيل (( أرضعيه )) أن تخلع المرأة ثيابها وتضع ثديها فى فم الشآب ليمصه كما يفعل الطفل مع أمه !! 


أولا لأن المسلم كما قدمنا يجب أن يعتقد اعتقادا جازما استحالة أن يأمر النبى صلى الله عليه السلام إمرأة ورجل بإرتكاب مثل هذا المنكر .. كيف وهو صلى الله عليه وسلم لم يصافح إمرأة قط فى حياته وكان يأمر بعدم مصافحة النساء غير المحارم .. وكان يأمر بغض البصر والنهى عن الدخول على النساء فى غيبة الرجال أو الإختلاط بهن إلا فى حدود وضوابط قرآنية صارمة .. فهل من الممكن أن يأمر بهذا الفحش الذى يتصوره خليل الشيوعى شفاه الله ؟؟


وأقول ثانية أنه من غير المعقول أن تكون الرضاعة المأمور بها فى هذه الرواية هى الرضاعة المباشرة لأن المرأة إنما جاءت تشتكى ( غيرة ) زوجها أبى حذيفة و( تحرجه ) من دخول ابنهما بالتبنى سابقا عليها ليرى منها مايراه المحارم .. فكيف يكون العلاج النبوى الذى أذهب الغيرة بالفعل عن أبى حذيفة هنا هو كشف ثدييها ووضعهما فى فم الشاب المراهق !! 


وثالثا وبالمثل أقول أيضا بأنه من غير المعقول أن تتحرج المرأة من مجرد ( دخول ) سالما عليها ليرى منها ما يراه الأبن من أمه .. كيف يكون العلاج لغيرة الزوج هنا هو مص الثدى خمس رضعات مشبعات .. إذ أن دخول سالما عليها كان بطبيعة الحال أهون كثيرا جدا على الزوج وعلى الزوجة من مص الثدى والرضاعة خمس رضعات مشبعات .. بل لايقارن بما يمكن أن يحدث أثناء تلك الرضاعة لو كانت قد وقعت بشكل مباشر !!


ثم كيف يكون الدخول ممنوعا والرضاعة مباحة .. وهى لاتتم بالشكل المباشر إلا بعد الدخول فضــلا عن الملامسة ورؤية ثدى المرأة .. يعنى ماهو دخل خلاص والرضاعة تصبح من ثم تحصيل حاصل !!


ورابعا: إذا كان الإسلام قد حرم على الأبناء الحقيقيين للمرأة أن يرضعوا وأن يمصوا ثدييها بعد أن يبلغوا ويشبوا .. فكيف يبيحها لمن لايمت للمرأة بأية صلة رحم ؟؟ 


وخامسا : إن الإسلام قد حرم الزنا .. ولو كان المقصود بالرضاعة فى الرواية السابقة هى الرضاعة المباشرة .. فإنها كانت ستنتهى لامحالة بالزنا .. لأننا ـــ ودعونا نتحدث بصراحة ــــ لم نرى ولم نسمع فى واقع الحياة عن شآب يدخل على إمرأة ليمص ويرضع ثديها .. ثم لاينتهى الأمر بهما إلى القبلات والأحضان والزنا والفاحشة !!


وسادسا : إذا كانت الصحابية الجليلة سهلة بنت سهيل بطلة القصة .. كان يشغلها بشدة .. أن تعرف حكم الإسلام فى مدى شرعية دخول وخروج ابنهما بالتبنى سابقا والذى تربى فى حجرها منذ الصغر .. هل كان من الممكن أن تقبل هذا الأمر النبوى بالرضاعة المباشرة ( كما يذهب إلى ذلك خليل ) دون أن تسأل النبى صلى الله عليه وسلم ولو بكلمة واحدة عن كل تلك المخالفات الشرعية والآثام التى ستترتب على إرضاع شاب بشكل مباشر.. وكيف تقبل الصحابة الكرام وكل النساء مثل تلك الرضاعة المباشرة لشاب كبير يافع دون أن يعترضوا أو يستفسروا ولو بكلمة واحدة مع ما هو معروف عنهم من غيرة شديدة على الدين وعلى الشرف !! 


وسابعا : ودعونا نتحدث بصراحة أكثر ونقول بأعلى أصواتنا .. لو كان المقصود بالحديث الذى يشنع به خليل على الإسلام جواز أن يرضع الرجل من ثدى أى إمرأة بشكل مباشر ليدخل عليها وتدخل عليه .. لأنتشرت تلك الرضاعة انتشارا النار فى الهشيم .. بل لتنافس عليها الرجال والنساء ولقطعوا بها أرزاق الرضع من الأطفال .. ولو كان الأمر كذلك لظهرت كذلك فى أشعار المجان والزنادقة .. و لتكونت عصابات ومافيا وشركات متعددة الجنسيات للمتاجرة بألبان النساء وأعراضهن واحتكار تلك الرضاعة التى تنتهى حتما كما قدمنا إلى الزنا والفاحشة .. لأن الإنسان عموما يميل إلى التحلل من القيود التى تفرضها الأديان على العلاقة بين الرجال بالنساء .. فــــــــما بالنا لو كان الأمر بالرضاعة بمص أثداء النساء مباح من الشرع الحنيف نفسه !! 


ثامنا : ومن غير المعقول شرعا ولاعقلا ألآ يتطرق الصحابة والصحابيات الكرام إطلاقا إلى كيفية رضاعة الكبير ــ لو كان المقصود بها الرضاعة المباشرة ــ مع مافيها من مخالفات شرعية وأخلاقية جسيمة .. فى الوقت الذى تثبت الروايات التى بين أيدينا أنهم اعترضوا بشدة على الآثار المترتبة على تلك الرضاعة من الدخول على النساء ورؤية مايراه المحارم منهم .. وهو ما يعنى أنهم فهموا يقينا أن المقصود منها هى الرضاعة غير المباشرة .. وانحسر خلافهم فى تلك الآثار المترتبة على تلك الرضاعة غير المباشرة .. فقد روى مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول { لارضاعة إلا لمن رضع فى الصغر ولا رضاعة لكبير وعن ابن مسعود أنه قال { لارضاعة إلا لمن كان فى الحولين } !!


وقد أبى سائر أزواج النبى صلى الله عليه وسلم أن يدخلن عليهن أحدا بتلك الرضاعة ، وقلن لعائشة والله مانرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم خآصة فما هو بداخل علينا أحـــــــد بهذه الرضاعة ولا رائينا .. وفى رواية أخرى : والله لايدخل علينا أحد بهذه الرضعة ولا يرانا !! 


ويهمنا هــنا أن نوضح أن الرخصة هنا لسالم ليست فى إجازة الرضاعة من ثدى الصحابية مباشرة .. حاشا لله ولرسوله .. وإنما الرخصة له فى أن يشرب لبنها بشكل غير مباشر ثم يرى منها مايراه الأبن من امه .. إذ أنه كان ربيبها وكانت هى التى ربته فى الصغر على النحو الذى بينا .. وطبيعى أن الأبناء فى ذلك العصر الذهبى ( رغم أنف خليل الشيوعى ) لم يكن يرون من امهاتهم إلا ماتدعو الحآجة إليه أثناء القيام بأعباء المنزل .. ولم يكن يعرفن الميكروجيب أو البلاوى التى نراها اليوم فى امهات الشيوعيين والعلمانيين .. الذين يدخل عليهن الرجال ويدخلن على الرجال .. ويرون منهن ويرين منهم كل شىء دونما حآجة إلى رضاعة ولا يحزنون .. ولذلك فقد حرم الإسلام على الأبناء الدخول على أمهاتهم بغير استئذان .. وعندما تعجب أحد الصحابة قائلا اأستئذن على أمى قال له النبى صلى الله عليه وسلم أتحب أن ترى أمك عريانه .. حتى الأطفال الذين لم يبلغوا الحلم حرم الإسلام دخولهم على امهاتهم وآبائهم فى أوقات معينة .. ولذلك فما أبيح لسالم لايخرج عن هذا النطاق !!


بل إن النبى صلى الله عليه وسلم قد أنكر على عائشة ذلك .. حينما دخل عليها وعندها رجل .. قال حفص فشق ذلك عليه وتغير وجهه ثم اتفقا .. قالت يارسول الله إنه أخى من الرضاعة فقال صلى الله عليه وسلم : { انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة وفى الحديث المرفوع عن ابن مسعود أنه قال { لارضاع إلا ما شد العظم وأنبت اللحم } !!


هذه الأثار كلها تؤكد على أن جواز رضاعة الكبير بشكل مباشر لم تخطر لأحد من الصحابة على بال .. وإلا لذكرها المعترضون أصلا على الآثار المترتبة على رضاعة الكبير ولكانت حجتهم فى تلك الحآلة أقوى .. لكن تلك الآثار التى تبرأ ساحة الإسلام من هذا الفحش .. والتى كانت سائدة وكانت تمثل الرأى العام والتى سادت العصر النبوى والصحابة الكرام.. هذه الآثار التى تؤكد تمسك الأولين بالقيم النبيلة والتقاليد المحافظة التى توارثتها الأجيال كابرا عن كابر غطرش عنها خليل الشيوعى أى تعامى عنها عامدا مع سبق الإصرار والترصد للإسلام .. حسبما ورد فى ( القاموس المحيط للفيروز أبادى ) كما يحب خليل الشيوعى أن يتحفنا به فى كتاباته حتى يظن القارىء العادى أن صاحبنا يا ما هنا وياما هناك .. ولو كانت الرضاعة المباشرة جائزة لوجدنا ولو مذهبا فقهيا واحدا يجيزها وينظم المسائل المترتبة عليها وهذا مالم يحدث .. بل هذا ما لم يخطر على بال أحد إلا خليل الشيوعى تبت يداه 


والحديث ممتد (أعزكم الله ) عن الوساخات الفكرية لخليل الشيوعى


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، 


بقلم : محمد شعبان الموجى 

TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق


الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *