بصراحه كده فيه موضوع عايز اتكلم فيه .. لكن شويه شويه مكسوف منه .. ومكسوف منه ليس لأنه لاسمح الله ولا كان .. من الموضوعات التى تتحدث عن الحاجات الوحشة التى تجرح مشاعر الأخوة المصححيين .. ولكن الكسوف هنا بسبب أن هذا الموضوع قد أحاطه أولاد الحلال العلمانيين والشيوعيين .. بكثير من الإرهاب الفكرى والمعنوي بحيث أصبح الذى يتحدث عنه بشرأو سوء أو رأى مخالف .. كأنه توضأ باللبن .. أوكفر والعياذ بالله .. إيه ياإخوانا حكاية الكتب الفرعونية التى أمطرتنا بها وزارة الثقافة من كل حدب وصوب .. وآخرها موسوعة مصر القديمة التى يتحفونا بها فى الأسبوع مرتين ودى حكايتها حكاية .. ثم بعد ذلك تقرأ لحملة المباخر والتنويريين عشرات المقالات التى تشيد بهذا العمل العملاق مطالبين بالإستمرار فى تطبيع العلاقات بين الشعب المصرى وبين أجداده من الفراعنة .. ويتحدثون عن الموسوعة بكلام يقطع القلب .. لكنه للأسف كلام مرسل لا معنى له !!
والحكاية كلها طبعا ليس حبا فى على ولكن كراهية فى معاوية لاأكثر ولا أقل .. لأنهم ببساطة يكرهون الإسلام ويعتبرونه إرثا تاريخيا يجب التخلص منه شويه شويه .. أو على أحسن تقدير عند المنصفين منهم .. مجرد عمود من أعمدة الشخصية المصرية .. عمود واحد لاغير يتساوى مع باقى الأعمدة الفرعونية والقبطية والشرق أوسطية والبحر متوسطيه والعربية والأفريقية ؟؟
وكراهيتهم للإسلام ولحضارة الإسلام .. هى التى دفعتهم إلى احياء الحضارات القديمة .. كجزء من مخطط كبير وطويل لطمس الحضارة الإسلامية .. وهنا دعونا نتساءل أولا سؤالا منطقيا جدا .. أين ومتى نشأت فكرة احياء الحضارة الفرعونية فى مصر لتكون هى الحضارة الأساسية الطاغية والمسيطرة على كل مظاهر الحياة فى مصر .. أو كخلفية حضارية فى كل المحافل والإحتفاليات الثقافية والسياسية والرياضية والفنية .. ولعلكم قد سعدتم معنا بالأغنية التى ترنمت بها مريم نوح –على ما أظن – باللغة الهيروغليفية فى افتتاح مهرجان الأغنية الأخير .. ولعلكم أيضا قد قرأتم عن الدعوة إلى تفسير القرآن الكريم باللغة الهيروغليفية .. والزعم بإن اسم الله العظيم أصله فرعونى .. تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا .. طبعا إلى جانب السياسات والممارسات الإعلامية والتعليمية والثقافية للعلمانيين والشيوعيين التى تهدف إلى طمس الهوية الإسلامية من لغة الخطاب الإعلامى ، وإزالتها من البطاقة الشخصية والعائلية .. وعلى طريقة قل ولاتقل .. قل أنا مصرى ولاتقل أنا مسلم .. ولقد قرأتم قريبا ماكتبه أحد الكتاب الشيوعيين الذى اشتكى له صديقه المسيحى من بعض العبارات الطائشة التى ينطق بها العآمة فى الحوارى والأزقة والتى يعبرون فيها عن اعتزازهم بالهوية الإسلامية ، وعلى سبيل المثال يحكى أنه وهو راكب فى الأوتوبيس قال أحدهم ياجماعة وسعوا الطريق دا احنا كلنا مسلمين بدلا من أن يقول كلنا مصريين ؟؟ فشعر الكاتب الشيوعى بالحرج .. وعندما ذهب إلى منزل صديقه المسيحى سمع زوجة المسيحى تقول لأبنائها وقد هجموا على الأكل .. أيه ياعيال مالكم مزغوفين كده زى اولاد المسلمين ؟؟ وعندما ظنا ان البنى آدم الذى معهما .. انسان مسلم يغار على دينه .. احمر وجههما خجلا لكن المغفل طلع شيوعى من الذين لايغارون على دينهم ولاتأخذهم حميه أو غيره على الإسلام .. فضحك وقال لصديقه المسيحى كده يبقى بصره ؟؟ - يااختى عليه وعلى كماله - مع أن المغفل لوتأمل فى الحكاية كويس فسوف يلمس الفارق الكبير بين العبارتين .. بين من يتجاهل الآخر بعبارة عفويه عابرة .. وبين أم متعصبة ترضع أطفالها الصغار حقدها وتربيهم على مجتمع الكراهية وفق خطة تربوية مدروسه بعناية .. لكن على العموم هذا ليس هو موضوعنا الآن !!
المهم نطرح مرة أخرى هذا السؤال .. من هم أصحاب فكرة احياء الحضارات القديمة وبعثها من قبورها مرة أخرى .. ليس فى مصر وحدها وإنما فى العديد من بلدان العالم الإسلامى أيضا .. يقول الدكتور محمد محمد حسين فى حاشية كتاب (( فى وكر الهدامين )) صفحة 27 : إن المليونير اليهودى الأمريكى المتستر تحت النصرانية (( روكفلر )) أوفد سنة 1926 الأديب الأمريكى (( بريستد )) صاحب كتاب (( انتصار الحضارة )) الذى ترجمته جامعة الدول العربية بوحى من السفارة الأمريكية بالقاهرة ، وكله ضلال وفساد ، أوفد المليونير الأمريكى هذا الرجل ليعرض على مصر عشرة ملايين من الدولارات لتأسيس معهد للدراسات الفرعونية يعين على سلخ مصر عن عروبتها وإسلامها !!
وطبعا حكاية المؤامرة على الهوية الإسلامية يرفضها العلمانيون والشيوعيون .. الذين لايؤمنون إلا بوجود مؤامرة واحدة فقط هى التى تستهدف الشخصية المصرية وتهدف إلى تحويلها إلى مجتمع البداوة والتخلف والوهابية ؟؟
والحقيقة أن شخصية مصر الإسلامية مستهدفة بالفعل والأدلة على ذلك كثيرة فى أدبيات العلمانيين والشيوعيين تلميحا وتصريحا .. ولكننى هنا سأختار من كلام صاحب موسوعة مصر مايؤكد على نية المؤلف وعلى النفسية التى يتحرك بها وعلى الأفكار الخبيثة التى دفعته إلى تأليفها .. يقول سليم حسن رحمه الله فى مقدمة الجزء الثالث عشر : (( وهكذا قضى على استقلال مصر نهائيا وظلت بعد ذلك تتقلب على حكمها أسرات أجنبية لاتمت إلى مصر بصلة اللهم إلا مدة قصيرة بعد العهد الفارسى الأول فقد هبت مصر خلالها واستعادت استقلالها ، ثم وقعت فى قبضة الفرس ثانية ، ولم تتخلص بعد ذلك من النير الأجنبى منذ عام 341ق.م إلا عام 1952 م عندما هب الشعب المصرى كله ونفض عن نفسه غبار وأوساخ آخر طاغية من دم أجنبى ، ثم بدأت لأول مرة مصر تحكم بمصريين من دم مصرى خالص ، وتشعر بكيانها وعزتها وكرامتها بين دول العالم الحرة )) !!
والحقيقة أن صاحب الموسوعة رحمه الله .. لوكانوا من الذين يسمعون أو يعقلون لما ارتضى لنفسه أن يكتب هذا الهراء .. لأن الحضارة الفرعونية فى ازدهارها وتقدمها أو فى انحطاطها وتأخرها كانت أنموذجا رائعا للأستبداد والقهر وتوريث الحكم لمن يستحق ولمن لايستحق ، وكانت أنموذجا رائعا لحمى استعباد الجماهيروإذلالها وتوظيفها فى خدمة أهل السلطة ، والإعتداء على الشعوب الأخرى واستغلال ثرواتهم .. الفرعونية كانت ومنذ نشأتها وحتى اندحارها مثالا رائعا للدسائس والمؤامرات الخسيسة .. لقد كشفت لنا موسوعة ( سليم حسن ) عن أشياء أخرى هآمه كانت غائبة عن أذهان الكثيرين .. فالحضارة الفرعونية لم تكن معصومة من الخطأ أو الضعف ولم تكن هى المدينة الفاضلة كما تخيلها أفلاطون و كما يصورها دائما أنصارها .. بل مرت بكل المراحل والفترات التى مرت بها الأمم السابقة من قوة وضعف .. من وحدة وتمزق وصراعات وحروب وانتصارت رائعة وهزائم مخزية وفتن داخلية وفوضى .. وكما أثرت حضاريا فى غيرها من الأمم .. تأثرت هى الأخرى بحضارات الآخرين التى لا تقل عظمة ولا شموخا عن تلك الحضارة المصرية القديمة !!
لكن الملاحظة الجديرة بالنظر هنا .. أنك وأنت تقرأ موسوعة سليم حسن التى تمتلىء بالغث والسمين .. وبكثير جدا من تفاصيل الحياة العادية والحشو الفارغ وكلام كثير جدا لامعنى له إلا تسويد الصفحات بغير طائل واهدار الوقت بغير عائد .. لاتكاد ترى فى كل هذا الحشو الفارغ .. أى موقف سياسى أو اجتماعى يمكن أن يكون له أى مردود انسانى يدفع المرء إلى تطوير شخصيته أو الإرتقاء بها أو الإرتفاع بانسانيته ، والسمو بروحه .. أساطير اختلطت بالحقائق .. عبادة أوثان وأصنام يدل على غباء انسانى واجتماعى .. ادعاء فاجر من حكام الفراعنة .. بالتمثيل المباشر بالأصالة عن الألهة لكى يتحكموا فى رقاب العباد .. وليس بمجرد التفويض والإنابة عن الله كما كان الحال فى العصور الوسطى و الذى يرفضه العلمانيون والشيوعيون !!
هؤلاء الفراعنة المتجبرون الذين طغوا فى البلاد فأكثروا فيها الفساد .. والذين استعبدوا الشعب المصرى وأذاقوه المهانة والذل .. هم الذين يدافع عنهم صاحب الموسوعة ويتأسف على فترات الإحتلال والغزو الأجنبى لمصر بما فيه الغزو الإسلامى العربى .. مرددا نفس الكلام الساقط للقوى الصهيونية والصليبية العالمية .. ثم يزيد الطين بله حينما يصف قادة ثورة يوليو بأنهم خلصوا مصر من آخر طاغية مستبد … مع أن ماذاقه الشعب المصرى من ويلات الذل والإهانة سواء فى ظل الفراعنة القدامى أو فى ظل فراعنة يوليو شىء مؤلم لايــمكن وصفه !!
ولذلك فإننى أقول وأنا مطمئن تماما .. إن الدعوة إلى احياء الحضارة المصرية القديمة .. والترويج لها بنشر المقالات وتأليف المجلدات وإقامة الإحتفاليات والتذكير بالأمجاد .. لايمثل وجه المؤامرة على شخصية مصر الإسلامية فحسب .. بل هو فى الحقيقة إهانة متعمدة للشعب المصرى كله .. لأن الفرعونية كما قرأناها فى هذا الحشو الفارغ لسليم حسن لم تكن إلا سلسلة من الطغيان والإستبداد بالحكم كما قلنا .. ولم تكن إلا تمثيلا نموذجيا لأسوأ أنواع الإستبداد الدينى واستغلال الدين فى السياسة بحيث أصبح الدين فى ظل الحكم الفرعونى البغيض أفيونا للشعوب بكل معنى الكلمة .. وهى فى النهاية اهدار لحكم الله فيهم ، ومشاغبة على حقائق القرآن التى أكدتها موسوعة سليم حسن من حيث لايدرى !!
والآن تعالوا إلى كلمة سواء .. وقولوا لنا يرحمنا و يرحمكم الله .. أى دروس انسانية وأخلاقية تريدون من الشعب المصرى أن يستخلصها ثم يشربها ويتأثر بها فى تلك الموسوعة وفى غيرها من كتب الفراعنة ؟؟ هل تريدون من الشعب المصرى أن يعتنق الديانة المصرية القديمة بديلا عن الإسلام أم كديانة مكملة للإسلام ؟؟ أم تريدون من المصرى أن يعتقد بصحة وسلامة الحكم الفرعونى المستبد من توريث للسلطة لمن يستحق ومن لايستحق ؟؟ ومن نهب وسلب لأموال الشعب باسم الآلهة ؟؟ أم تريدون من الشعب المصرى أن يؤمن بالأساطير والخرافات التى اختلطت بالتاريخ الفرعونى ؟؟ قولوا لنا هدانا الله واياكم أى شىء بالضبط تهدفون من وراءه للترويج للفرعونية التى ذمها الله عزوجل فى كتابه الكريم .. إننا لانريد كلاما مرسلا كالذى نقرأه الآن فى الصحف المصرية .. بل نريد كلاما محددا حتى نستطيع أن نتفهم وجهة نظركم كاملة !!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق