^ دعونا نتساءل بصراحة .. ماالهدف الحقيقى من وراء الحملة العلمانية والشيوعية والإلحادية الظالمة على مجتمع الصحابة رضوان الله عليهم منذ زمن بعيد وحتى يومنا هذا ؟؟ .. لقد كان الشيخ الشيوعي خليل عبد الكريم أكثر صراحة وشفافية واحتراما لنفسه حينما حدد بدقة الغآية التى من أجلها شن غارته على مجتمع الصحابة - والتى سبق أن تناولنا بعضها منذ فترة - من أولئك الذين يتخفون وراء أهداف غير حقيقية يخادعون بها الله والذين آمنوا ومايخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون .. لقد قال الشيخ خليل الشيوعي صراحة أن هدفه هو تعرية رموز كبيرة الشأن رفيعة المقام ، ونزع الهالآت المصطنعة التى أحاطوها بها وعرضها بالصورة الواقعية بلا رتوش كما هى مرسومة فى كتب التراث بعد إقصاء التزويقات والتجميلات التى أشار إليها فى كتبه المسمومة .. وساعتها .. أى بعد أن يسقط تلك الرموز من أمثال أبى بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان وعلي عليهم الرضوان أجمعين .. بل إنه والحق يقال لم يترك ولا واحد من المحيطين بالنبى صلى الله عليه وسلم إلا ونال منه بألسنة حداد .. والسؤال الآن .. من من البشر سيدخل الجنة إذن ؟؟ .. ساعتها فقط سيصيح المسلمون فى نفس واحد .. كم كنا مخدوعين .. ثم يصيحون مرة أخرى .. الشيوعية هى الحل ؟؟
^ أما الغارة البائسة لمنكرى السنة المطهرة على مجتمع الصحابة عليهم الرضوان .. فإن الهدف من ورائها مفهوم تماما .. وهو هدم السنة المطهرة كلها .. وهدم المصدر الأساسى لفهم القرآن فهما مستقيما .. ومن ثم يفتح الباب لكل التفسيرات المنحرفة .. ولذلك هم يريدون الصحابة لأننا ببساطة ، وحسب المشتهر بين الناس وإن كان على خلاف الحقيقة .. لانملك ميزانا دقيقا للجرح والتعديل نحكم به على عدالة الصحابة حينئذ .. وبالتالى تسقط السنة كلها .. وهو المطلوب اثباته ؟؟
لكن السؤال الذى يجب أن يطرح للنقاش والحوار .. هل اسقاط وتعرية رموز المجتمع النبوى من خلال بعض التصرفات الخاطئة التى كانت تصدر من بعض الصحابة .. يخدم قضية الإيمان والقرآن أم يشكك فيها ويهدمها من أساسها ؟؟ نرجىء الإجابة على هذا السؤال إلى حين ؟؟
^ لكن ثمة ظاهرة هآمة غابت عن أذهان المشككين فى عدالة الصحابة وأدت بأصحاب النوايا الحسنة منهم إلى هذا المنزلق الوعر .. وهى ظاهرة الحراك الإيمانى .. أى الإنتقال من معسكر المنافقين إلى معسكر أهل الإيمان والعكس .. واللذان كانا يسيران بشكل متواز فى مجتمع المدينة المنورة فى صراع مكتوم أحيانا .. وظاهر معلن فى أحيان أخرى .. وهو مانطقت به آيات كثيرة فى القرآن الكريم .. بل إن معسكر أهل الإيمان نفسه ولطبيعة النفس البشرية الخطاءة المجبولة على المعصية .. ظل وسيظل يشهد ظاهرة الحراك الإيمانى من مجتمع المعصية إلى مجتمع الطاعة والعكس شدا وجذبا ، وحتى قيام الساعة .. والأدلة على ذلك أيضا فى القرآن والسنة المطهرة كثيرة جدا .. بل وعليها تقوم فلسفة الإسلام ومحاوره الأساسية .. ولذلك تفاوتت مراتب المؤمنين بالله .. وتعددت درجات الجنة .. كما تفاوتت مراتب الصحابة بطبيعة الحال من الناحية الإيمانية إلى اثنى عشرة طبقة فأولهم وأفضلهم قوم أسلموا بمكة مثل الخلفاء الأربعة .. ثم الصحابة الذين أسلموا قبل تشاور أهل مكة فى دار الندوة .. ثم مهاجرو الحبشة .. ثم أصحاب العقبة الأولى .. ثم أصحاب العقبة الثانية وأكثرهم من الأنصار .. ثم أول المهاجرين الذين وصلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بقباء .. ثم أهل بدر .. ثم المهاجرة الذين هاجروا بين بدر والحديبية .. ثم أهل بيعة الرضوان الذين أنزل الله تعالى فيهم { لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة } وهى التى كانت بالحديبية .. ثم المهاجرة بين الحديبية والفتح .. ثم الذين أسلموا يوم الفتح اتقاء للسيف ثم حسن اسلامهم .. ثم صبيان وأطفال رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح وفى حجة الوداع وغيرها .. (!!)
^ وما غاب أيضا عن هؤلاء المشككين فى عدالة الصحابة .. الخلط بين المفهوم اللغوى للصحبة والذى اعتمد عليه الذين أرادوا استقصاء كل من صحب النبى صلى الله عليه وسلم ولو للحظة كحقيقة تاريخية يجب أن تدون وتحفظ ، وبين المفهوم العرفي الإيمانى الذى شاع بين العلماء والمسلمين .. فالمفهوم اللغوى الذى جرى عليه الإمام البخارى فى تعريف الصحابة بأنه كل من صحب الرسول صلى الله عليه وسلم أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه .. ومع جلالة قدر الإمام البخارى رضى الله عنه وغيره من العلماء الذين ساروا على هذا النهج .. إلا أنه كما يقول الخطيب البغدادى فى الكفاية فى علم الرواية .. قد تقرر للأمة عرف فى أنهم لايستعملون هذه التسمية إلا فيمن كثرت صحبته (!!) ، واتصل لقاؤه (!!) ، ولايجرون ذلك على من لقي المرء ساعة ومشى معه خطى ، وسمع منه حديثا ، فوجب لذلك أن لايجرى هذا الأسم فى عرف الإستعمال إلا على من هذه حاله ، ومع هذا فإن خبر الثقة الأمين عنه مقبول ومعمول به ، وإن لم تطل صحبته ، ولاسمع منه إلا حديثا واحدا .. والطريق إلى معرفة كونه صحابيا هى تظاهر الأخبار بذلك .. والصحبة لاتكاد تخفى كما يقول العلماء (!!)
^ وعلى ذلك فإنه لايجوز وفقا لما تقرر للأمة من مفهوم لفظ الصحابى .. أن تلصق صفة صحابي أو صحابية بكل مرتكبى جرائم الزنا والخيانة والسرقة قبل أن يقام عليهم الحد ويتوبوا إلى الله .. لأنهم إما أن يكونوا من العآمة الذين لاتثبت لهم صحبة حتى وإن ثبتت لهم رؤية .. وإما أنهم كانوا ممن عرف بالنفاق من الأعراب وغيرهم .. ولذلك فسجل الجرائم المعلنة التى وقعت فى العهد المدني والتى سجلها المسلمون تسجيلا دقيقا لم يترك منها شاردة ولاواردة كما يشهد على ذلك الأعداء العقلاء قبل الأصدقاء .. كلها تؤكد على صدق ماأقول .. فماعز بن مالك مثلا كان من قبيلة اشتهرت بالنفاق يؤكد ذلك تخلفه هو نفسه عن القتال فى الغزوات .. والمرأةالغامدية التى اعترفت بالزنا هى الأخرى كانت من قبيلة جهينة التى شاع فيها النفاق أيضا .. ولو فتشنا كذلك فى ألفاظ الروايات التى سجلت لنا العديد من جرائم الزنا فإننا سنجد أن أكثرها لم يذكر فيه اسم الجانى أو المجنى عليه .. مثل عبارات جاء رجل .. أو عالجت إمرأة فى أقصى المدينة .. أن رجلا أصاب من امرأة قبلة ... لقى رجل إمرأة كانت بغيا ...ألخ
^ وإذا نظرنا إلى الشخصيات التى ذكرها ماجد صلاح الدين فى مقاله بأحرار 26 / 10 / 1999 .. فسوف نجد أن أول مثال ضربه هو لبسر بن أرطاة .. وهو مختلف فى صحبته يقال أنه لم يسمع من النبى صلى الله عليه وسلم لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض وهو صغير .. وهذا هو قول الواقدى وابن معين وابن حنبل وغيرهم ، وقد قدح فيه كل علماء الجرح والتعديل خلافا لما يزعمه ماجد .. فقد قال عنه ابن معين أنه رجل سوء لاتصح صحبته ( الإستيعاب ) وفى لسان الميزان قال عنه ابن معين أيضا : رجل سوء أهل المدينة ينكرون صحبته .. وقال غيره : كان من الأبطال الطغاة ، وقد ناقض ماجد نفسه حينما ذكر أن ابن حجر العسقلانى قد ذكر مخازيه فى كتابه الإصابه .. مع أنه قال سابقا أنه لم يقدح فيه قادح من المحدثين وأهل الجرح والتعديل .. وأما لماذا لم يذكره بعض أهل الجرح والتعديل فى كتبهم فلأن ذلك العلم لايتعلق أساسا بالصحابة وإنما بالتابعين ومن جاء من بعدهم .. ولذلك لم يذكره إلا من شكك فى صحبته (!!)
^ ثم إن بسربن أرطاة ليس له إلا روايتان وليس أربعة روايات كما زعم ماجد .. الأولى ( لاتقطع الأيدى فى المغازى ) والثانية فى الدعاء ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول ( اللهم أحسن عاقبتنا فى الأمور كلها وأجرنا من خزى الدنيا وعذاب الآخرة ) - الإستيعاب وجامع التحصيل - فإن كان هناك روايتين أخرتين فليظهرهما ماجد وإلا فليستغفر ربه ، والخلاصة أن بسر هذا مختلف فى صحبته .. وإن ثبتت فإنها تثبت من الناحية اللغوية ولاتثبت من الناحية العرفية التى أقرتها الأمة ، والتى سبق أن أشرنا إليها .. ولذلك فلا معنى لأن يتخذه البعض تكأة للنيل من الصحابة الكرام .. إلا أن تكون تجارة يديرونها فيما بينهم ؟؟ وللحديث بقية إن أذن الرحمن
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
بقلم : محمد شعبان الموجى
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق