العيال الأغـمار يحاكمون الإمام البخارى ؟؟





$لو كان هذا ( الغـمر الجاسر ) هو الآخر رجلا كامل الرجولة حقا .. فليذكر لنا المصدر العلمى الذى قرأ فيه أو استقى منه أن الإمام البخارى رضى الله عنه لم يصاحب أتباع أتباع التابعين وأن مابينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم خمسة أجيال على الأقل .. كل هذا بلا شك كذب أحمق وقلة أدب مع علماء الإسلام الأكابر وجهل فاحش بحقائق التاريخ (..) 

فالثابت المتواتر فى كل مصادر أهل العلم والحديث والتواريخ .. أن الإمام البخارى رضى الله عنه كان من ( أتباع أتباع التابعين ) .. فكثير من شيوخه ، وممن حدث عنهم كانوا من أتباع التابعين .. فـمنهم رجال ( الطبقة الأولى ) الذين سمعوا من ثقات التابعين مثل 

- محمد بن عبد الله الأنصارى الذى حدث البخارى عن حميد التابعى عن أنس الصحابى رضى الله عنه (..) 

- ومثل مكى بن ابراهيم الذى حدثه عن يزيد بن أبى عبيدة التابعى عن سلمة الأكوع الصحابى عن الرسول صلى الله عليه وسلم (..) 

- ومثل أبى عاصم النبيل الذى حدثه عن يزيد بن أبى عبيد عن سلمة الأكوع الصحابى الجليل أيضا (..) 

- ومثل عبيد الله بن موسى الذى حدثه عن اسماعيل بن أبى خالد (..) 

- ومثل أبى نعيم الذى حدثه عن الأعمش التابعى المعروف (..) 

- ومثل خلاد بن يحيى حدثه عن عيسى بن طهمان التابعى (..) 

- ومثل على ابن عيــاش وعصام بن خالد الذين حدثــاه عن حريز بن عثمان التابعى المعروف (..) 

و هناك جماعة أخرى من ( أتباع التابعين ) الذى حدث عنهم الإمام البخارى رضى الله عنه وسمع منهم لكنهم لم يسمعوا من ثقات التابعين .. مثل آدم ابن إياس وأبى مسهر عبد الأعلى بن مسهر وسعيد بن أبى مريم وأيوب بن اسماعيل بن بلال وأمثالهم وهم رجال الطبقة الثانية (.. ) 

وهناك كثير من مشايخه ممن سمع وحدث عن كبار أتباع التابعين وإن لم يلتقوا بالتابعين .. كسليمان بن حرب وقتيبة بن سعيد ونعيم بن حماد وعلى بن المدينى ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل واسحق بن راهويه وأبى بكر وعثمان بن أبى شيبة وغيرهم (..) 

هذا هو الثابت يقينا .. أما ما ذكره هذا ( الغمر الجاسر ) عن الإمام البخارى من أنه لم يصاحب أتباع التابعين فليس إلا كذب وجهل و قلة أدب مع العلم وأهله كما قلنا (..) 

$وأما ما يزعمه هذا ( الغمر الجاسر ) .. من أن ما بين البخارى وبين الرسول صلى الله عليه وسلم خمسة أجيال على الأقل ؟؟ .. فهو أيضا دليل على الجهل والجهالة وقلة الأدب .. لأن الصحيح الثابت علميا أن ما بين البخارى وبين الرسول صلى الله عليه وسلم هو ثلاثة رجال فقط فى اسناده العالى .. إن كان هذا ( الغمر الجاسر ) يفهم اساسا معنى الإسناد العالى والإسناد النازل .. فالإسناد العالى كما فى ( ثلاثيات البخارى ) .. هو الإسناد الذى قل عدد رواته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل رواية البخارى عن محمد بن عبد الله الأنصارى قال حدثنى حميد أن أنسا حدثهم بالحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (..) 

$ لكن ربما يسأل بعض الأخوة الأعزاء .. من أين إذن تسرب هذا الوهم إلى هذا ( الغـمر الجاسر ) .. أقول لكم .. لقد قرأ هذا الظلوم الجهول ( اسنادا نازلا ) للبخارى .. أى اسناد يتكون من خمسة أو ستة أو سبعة رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فظن أنهم خمسة أو ستة أو سبعة أجيال .. ونسى الظلوم الجهول أن بعض هؤلاء الرواة قد يكونون من نفس الجيل .. كأن يروى صحابى لصحابى آخر أو تابعى لتابعى آخر فى السند بل أحيانا كثيرة يروى البخارى عن أقرانه وعن تلاميذه وهكذا .. فيظنهم بعض المغفلين أنهم من أجيال مختلفة ؟؟ مع أنهم فى الحقيقة ينتمون إلى جيل واحد (..) 

فالمعروف للكآفة .. أن عصر التابعين ينتهى فى حدود عام 150 من الهجرة .. بينما ينتهى عصر أتباع التابعين فى حدود هام 220 من الهجرة فكيف يقال أن البخارى لم يصاحب أتباع التابعين ؟؟ 

$أما الإجابة المتوقعة من هذا ( الغمر الجاسر ) .. فهى حسب حساباته ( الخيبانة ) .. ان البخارى فى سنة 220 كان مازال فى سن الطفولة وعدم الوعى والصبا كما يهرف هذا ( الغـمر الجاسر) بما لايعرف .. وهو كلام لايصدر إلا عن ظلوم جهول يجهل تماما طبيعة تلك الأجيال العظيمة من سلفنا الصالح وما نشئوا عليه مـــن طلب العلم والحرص عليه وتولى المهآم الصعبة فى سن مبكرة جدا .. ففى العهد النبوىالشريف رأينا كيف كلف النبى صلى الله عليه وسلم اسامة بن زيد وكان عمره يومئذ لم يتعد الخامسة عشرة لقيادة جيش المسلمين .. وقد تكرر هذا الفعل كثيرا بين الصحابة رضوان الله عليهم (..) 

$وحسابات هذا ( الغمر الجاسر ) كلها حسابات خائبة .. كما قلنا سابقا عند الحديث عن جهله بالفرق بين الإسناد العالى والنازل .. لكنه هذه المرة يقدم لنا حسبة أكثر بؤسا وخيابة من سابقتها عن حياة وسيرة الإمام البخارى رضى الله عنه .. يبنيها على سوء الظن وقلة الأدب .. مع أن حياة الأمام البخارى متواترة ومعروفة ولم يشكك فيها أحد من السابقين لامن شيوخه ولامن تلامذته ولا من أقرانه مع ما كان يقع دائما بين الأقران من تغاير وتحاسد .. ولذلك فإن اللجوء إلى الظن والتخمين والإفتراضات الحسابية .. هوكما قلنا قلة أدب ومخالفة لأبسط مبادىء المنهج العلمى .. فهذا ( الغمر الجاسر ) يزعم أن البخارى حتى سن العشرين كان مازال يعيش فى زمن الطفولة والصفا .. بينما الحقيقة الثابتة لكل الدنيا .. أن البخارى فى هذه السن كان قد تبوأ منزلة رفيعة بين علماء الحديث وكانت له مصنفات وكتب تحدثت عنها الدنيا كلها أو كما يروى عن نفسه فيقول : {{ الهمت حفظ الحديث فى المكتب ولى عشر سنين أو أقل (..) وخرجت من الكتاب بعد العشر فجعلت أختلف إلى الداخلى وغيره فقال يوما فيما يقرأ على الناس .. سفيان عن أبى الزبير عن ابراهيم فقلت له إن الزبير لم يرو عن ابراهيم فانتهرنى فقلت له ارجع إلى فدخل ثم خرج فقال لى كيف ياغلام قلت هو الزبير بن عدى عن ابراهيم فأخذ منى القلم وأصلحه فقال للبخارى بعض أصحابه ابن كم كنت قال ابن احدى عشرة سنة (.. ) فلما طعنت فى ست عشرة سنة حفظت كتب ابن المبارك ووكيع وعرفت كلام هؤلاء ثم خرجت مع امى واخى احمد إلى مكة فلما حججت رجع اخى بها وتخلفت فى طلب الحديث فلما طعنت فى ثمان عشرة جعلت اصنف قضايا الصحابة والتابعين واقاويلهم وذلك ايام عبيد الله بن موسى ، وصنفت كتاب التاريخ إذ ذاك }} ؟؟ هذه هى حصيلة العشرين سنة الأولى من عمر البخارى رضى الله عنه ؟؟ 

والحقيقة التى لابد أن نذكرها .. أن الإمام البخارى لم ينفرد بتلك العبقرية الفذة والقدرة على الحفظ والإتقان والتأليف فى هذه السن المتقدمة .. بل شاركه قبله وشاركه بعده عشرات من الأئمة الأعلام الذين نالوا قسطا وفيرا من العلم والحفظ والإتقان .. وحتى يومنا هذا هناك من الأطفال والشباب من استوعب أكثر من علم وأكثر من لغة .. لكن مشكلة هذا ( الغمر الجاسر ) أنه يقيس حياة العظماء على حياة الصعاليك والعوام التى لابد وأن يكون قد عايشها باعترافه هو .. دون أن يعرف أن العقول تتفاوت دائما وأن هناك عمالقة وأقزام ، وأن هناك الآن فى العالم المتقدم من هو دون العشرين من عمره ويخترع ويبتكر ويصنع برامج الكمبيوتر وغيرها ؟؟ 

$ وبعد أن يـتحفنا هذا ( الغمر الجاسر ) بمعادلات الأكل والشرب والصلاة والإجهاد التى ظن أنها احتلت فى حياة الإمام البخارى 21 سنة أخرى ؟؟ .. يزعم كذبا وزورا أن البخارى ألف كتابه الجامع المختصر المسند المعروف بصحيح البخارى فى سبع سنين .. بينما الثابت فى تاريخ البخارى أنه ألفه فى ستة عشر سنة (..) فلماذا يكذب ولمصلحة من يفترى على الحقائق ؟؟ ثم يزعم هذا ( الغمر الجاسر ) أيضا وفقا لحساباته الغبـية أن الأمام البخارى قد اختار أحاديث الصحيح من بين عشرة ملايين حديث ؟؟ فهل رأيتم سفاهه أكثر من ذلك ؟؟ وهل رأيتم افتراء و أفكا أشد من ذلك ؟؟ من أين جاء هذا الظلوم الجهول بمثل هذا الخبر عن هذا العدد الضخم من الأحاديث ؟؟ ولماذا كل هذا الإفك والإفتراء على البخارى رضى الله عنه ؟؟ 

$ إن الإمام البخارى رضى الله عنه .. قال أنه كتب عن ألف شيخ أو أكثر .. وهذا صحيح وثابت .. لكنه لم يقل أنه كتب عن كل واحد منهم عشرة آلاف حديث .. فهذا كذب وبهتان وقلة أدب .. وأتحدى هذا ( الظلوم الجهول ) لو أثبت هذا الإفك فى حق الإمام البخارى رضى الله عنه .. إنما الذى قاله البخارى رضى الله عنه بالحرف وقد سئل عن خبر حديث : يا أبا فلان ترانى أدلس وقد تركت عشرة آلاف حديث لرجل فيه نظر وتركت مثلها أو أكثر منها لغيره لى فيه نظر .. وهذا الكلام ليس مطلق فى كل الرواه بالضرورة .. بل هناك من سمع منه البخارى رواية واحدة أو اثنتين أو خمسة أو عشرة روايات فقط ؟؟ 

$لأن الثابت عن البخارى أنه اختار أحاديث الصحيح من بين 600 ألف حديث المتداولة حينذاك .. وكان يحفــــــــــــظ منها عن ظهر قلب مآئة ألف حديث صحيح ومائتا ألف حديث ضعيف .. أما الثلاثمآئة ألف حديث الباقين .. فقد كانت مكتوبة عنده ومدونة فى كتبه .. ولذلك فالقول بأن البخارى قد انتقى من 600 ألف حديث سبعة آلاف حديث بالكرر فقط .. هو قول فـاجر .. لأن الصحيح الثابت كما قلنا أنه اختار منها مآئة ألف حديث صحيح كان يحفظها عن ظهر قلب بالإضافة إلى آلاف الأحاديث التى كانت مدونة لديه دون حفظ .. لكنه اختصرها فى صحيح البخارى !! 

$ وهنا لنا وقفة أمام مغالطة كبرى .. طالما أرغى وأزبد فيها منكرو السنة .. وهى كيف يستطيع انسان مهما كانت عبقريته .. أن يتعامل مع هذا العدد الضخم من الأحاديث .. والجواب على ذلك فى غآية الوضوح .. أن البخارى كان يتعامل فى الحقيقة مع ألف شيخ أو ألف وثمانين شيخا من الثقات .. وليس مع ستمآئة ألف حديث ( .. ) ، وأعتقد أن أى ناقد رياضى أو فنى أو باحث تاريخى يعرف أكثر عن أضعاف هذا العدد من اللآعبين والفنانين والشخصيات التاريخية .. فكثرة الأحاديث هنا لاعبرة له .. لأن العبرة هنا فى النظر فى رواة الأحاديث .. ورد عشرة آلاف أو مآئة ألف حديث لراو فيه نظر لايستغرق أكثر من نصف ساعة .. لأن التعامل هنا يكون مع الراوى الواحد وليس مع العشرة آلاف حديث .. ثم بعد ذلك يأتى النظر فى علل متون الأحاديث التى صحت سندا .. ومع ذلك فقد قطع البخارى رضى الله عنه هذا العمل الشآق فى أكثر من ستة عشر عاما فضلا عن نبوغه المبكر كما يروى وكونه كان يحفظ آلاف الأحاديث منذ العاشرة من عمره كما قدمنا ، وأظن أن هذه الإجابة مقنعة جدا لمن أراد الحق وطلبه خالصا لوجه الله ؟؟ 

$ومن الطرائف التى تثبت أن هذا ( الغمر الجاسر ) يتمتع بقسط وافر من الغباوة .. أن الإمام البخارى حينما قال أنه ترك عشرة آلاف حديث لرجل فيه نظر وترك مثلها أو أكثر منها لغيره له فيه نظر أيضا .. فإنما كان يتحدث بكل تأكيد عن رواة مجروحين غير ثقات .. وهؤلاء المجروحون لايدخلون فى عداد الألف شيخ الذين كتب عنهم البخارى لأنهم أكثر من ذلك بكثير جدا .. والبخارى يقول : كتبت عن ألف وثمانين نفسا ليس فيهم إلا صاحب حديث .. يقول أن الإيمان قول وعمل ، وهو ما يعنى سقوط المبدأ العددى الذى أقام عليه هذا ( الغمر الجاسر ) حساباته كلها ؟؟ 

$وأخيرا أقول إن الإمام البخارى رضى الله عنه .. قد ثبتت عدالته وصارت كالخبر المتواتر الذى تناقلته الكآفة عن الكآفة عبر الزمان حتى عصر البخارى .. وقد شهد له شيوخه وتلاميذه وأقرانه بالعدالة والورع والحفظ والإتقان .. فصار المشكك فى عدالته كالمكذب للخبر المتواتر سواء بسواء .. فلايؤثر فيه تجريح زيد أو عمرو .. لأن من ثبتت امامته و عدالته وكثر مادحوه ومزكوه وندر جارحه فلا يلتفت إلى الجرح أو الطعن فيه .. لآنها فى الحقيقة تحط من شأن قائلها أكثر من أن تحط من شأن البخارى وأمثاله لأن الجارح أو الطاعن يكون كالآتى بخبر غريب لو صح لتوفرت الداعى على نقله ، وكان القاطع قائما على كذبه .. لأن التاريخ الإسلامى لم يجامل أحدا على الإطلاق (..) 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، 

بقلم : محمد شعبان الموجى
TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق


الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *