أسباب حساسية الناصريين من ( بيجامة ) الزعيم !!
^ منذ فترة طويلة وأنا أتحاشى الحديث عن الناصرية والناصريين لعدة أسباب منها أننى أكره بشدة أن يقرأ الناصريون مقالاتى .. ومنها كذلك أننى لآاريد أن أقطع على العاشقين عشقهم بزعيمهم الذي وصفوه كفرا وغلوا بأنه آخر الأنبياء وبالتالى فأى فائدة مرجوة من الحوار مع هؤلاء المفتونيين بنيهم المزعوم .. ومنها كذلك أننى لا أريد أن أغضب بعض أصدقائى الذين ابتلاهم الله بالناصرية رغم سمو أخلاقهم ، و طيبة نفوسهم .. ومن هذه الأسباب التى جعلتنى أتحاشى كذلك الحديث عن الناصرية والناصريين رغم توافر الأسباب وتعدد المناسبات أيضا أننى لا أريد أن أبدو كحجر عثرة فى سبيل التحالف العظيم بين الأستاذ حسنين كروم و الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة والإخوان المسلمين والشيوعيين والذى نعتبره الأمل الأخير فى سبيل تحرير أرض فلسطين كلها والقضاء نهائيا على اليهود لعنة الله عليهم .. ومنها كذلك أننى لاأريد أن أتهم بأننى أسعى إلى الشهرة والخروج من طابور المجاهيل بتهييج الجرذان الناصرية التى اختبأت فى جحورها أثناء ثورة التصحيح فى جريدة الأحرار الغراء .. اسباب كثيرة جعلتنى كما قلت أتحاشى الحديث عن الناصرية .. وإذا كان البعض يرى أن عبد الناصر قد أفضى إلى ما قدم وبالتالى فلا فائدة من إعادة ماسبق أن قتل بحثا .. وعلى اعتبار أن ثمة أولويات أهم .. لكن هؤلاء يتناسون أن الناصريين مازالوا أحياء حتى يومنا هذا يسعون إلى إحياء أفكار وسلوكيات تلك الفترة البغيضة .. وبالتالى فإن السكوت على هؤلاء سكوت عن الحق .. و لقد صبرنا كثيرا على هؤلاء الناصريين ولكنهم لم يصبروا علينا .. بعد أن أصبح سلوك بعضهم فى الكتابة عن التجربة الناصرية البغيضة أشبه بسلوك العاهرة التى تخرج إلى الأسواق تزاحم الرجال فى الطرقات .. عارضة بضاعـتها الخسـيسة فإذا ما ردها حر أو شريف .. تراها تسارع بقلب الحقائق واتهام الشرفاء والأحرار بأنهم يتحرشون بها .. والله يعلم أنها ربما خرجت من فراشها للتو واللحظة ولم تتخلص بعد من آثار فجرها وعهرها !!
^ وبالأمس القريب كتب أحد الدراويش ينعى على الكاتبين الكبيرين توفيق الحكيم ، ونجيب محفوظ التغييرات التى طرأت على مواقف كل منهما تجاه العديد من المغامرات الناصرية الفاشلة .. ويصف التحول فى تلك المواقف بأنها مساخر .. وبأن كلاهما كلما استيقظ نام إمعانا فى السخرية والإزدراء .. وبالطبع فليس مقصودنا هنا الدفاع عن أى منهما .. معاذ الله أن ندافع عن أمثال هؤلاء الكتاب المنحرفين فكريا .. ولكن لأن موقفهما الذى لم يعجب جلال عارف من تلك المغامرات الناصرية الفاشلة جاء موافقا للحق ومؤيدا تماما لموقف الشعب المصرى والعربى الذى استيقظ هو الآخر بعد طول غفلة وبعد أن خدعته الأبواق الإعلامية والأقلام الخسيسة والقيادات الفاسدة بالترويج لأسطورة الزعيم الذى يستطيع بجرة قلم أن يهزم العالم كله وأن يلقيه كابرا عن كابر فى مياه البحر الأبيض أو الأحمر حسب رغبة كل دولة .. فإذا بالشعب العربى كله من المحيط السادر إلى المحيط الهادر يستيقظ على غناء وغنج عاهرات جيش الدفاع وهن يغتسلن عاريات على الضفة الشرقية للقناة يراهن أهل القناة رأى العين !!
^ فالشعب المصرى كله وليس توفيق الحكيم أو نجيب محفوظ فقط .. وقع أيضا فى شراك هذه المغامرات الناصرية الفارغة من أية خطط أو امكانات حقيقية .. والتى خدمتها الظروف فى بعض الأحيان وخدمها كذلك الصراع بين الدول الكبرى على استقطاب الدول الصغيرة .. ولن أتحدث عن انخداع الشعب بادىء الأمر بالثورة المجيدة ولا بتمثيلية حادثة المنشية ولا بالإنتصارات الزائفة فى 56 .. أو الثورة الصناعية الفارغة ولا بالتغيرات الإجتماعية الكاذبة .. ولكننى فقط أشير إلى إلى انخداع الشعب كله بالتهديدات الناصرية لأسرائيل قبيل يونيو 67 والتى تعاطف معها الشعب بكل جوارحة .. ناهيك عن أخبار الإنتصارات الساحقة وعدد الطائرات التى أسقطتها قواتنا الباسلة فى 67 حسب البيانات الزائفة التى أذاعتها الإذاعة المصرية .. حتى خرجنا ونحن أطفالا صغارا نكتب بالطوب الأحمر على المبانى وعلى الأسفلت ( لان الطباشير لم يكن يسمح باستيراده باعتباره من المحرمات ) .. يسقط موشى ديان .. وتسقط جولدا مائير .. وتعيش الثورة المباركة .. نموت ويحيا الوطن .. هل ينكر أحد أننا كنا فاقدين للوعى .. وأننا حينما استيقطنا استيقظنا على الحقيقة المرة التى قضت على مستقبل العرب بالفعل !!
^ نعم ياسيد جلال كل الشعب وليس توفيق الحكيم ونجيب محفوظ .. كان نائما حينما بشرتنا الثورة بالإشتراكية كفاية وعدل .. كفاية فى الإنتاج وعدل فى التوزيع .. ثم أهدرت ثورة مصر من أجل طموحات الزعيم .. فلم يعد لدى الشعب انتاج يكفيه ولا عدل يشمله .. واستيقظ الشعب يومها على المعنى الحقيقى للإشتراكية كفاية وعدل .. أى إذا قيل لك انكفىء على وجهك فيجب أن تنكفىء .. وإذا قيل لك اعتدل فيجب أيضا أن تعتدل .. أليست الكرامة والعزة منحة منحها الزعيم للشعب ودرسا لقنه إياهم وهو مازال شابا فى الثلاثين من عمره .. فماذا إذا استيقظ الزعيم أيضا وأراد أن يسترد منحته !!
^ وليس توفيق الحكيم ولا نجيب محفوظ ولا الشعب المصرى فقط هو الذى كان نائما ثم استيقظ .. بل إن الزعيم خالد الذكر أيضا كثيرا مااستغرق فى نومه حتى وصل شخيره تل أبيب ذاتها .. فقد استيقظ الزعيم رحمه الله يوما حسب روايته فى كتابه ( فلسفة الثورة ) على أصوات الأرامل والأطفال اليتامى الذين قتلهم وروعهم أثناء القيام بأعمال إرهابية ضد أعوان الإنجليز .. واستيقظ كذلك حينما اكتشف أن محمد نجيب خائن وعميل .. وكذلك الحال بالنسبة لكل الأنداد الثوريين ( بالدال المهملة وليس باللآم ) وعندما استيقظ ألقى بهم جميعا فى السجون .. واستيقظ أيضا على الخيبة العسكرية القوية فى 56 ، والتى فتحت ولأول مرة فى تاريخ العرب مضايق تيران وباب المندب أمام السفن الإسرائيلية ولكنه عاد مرة أخرى إلى الغفلة والنوم لأكثر من احدى عشر عاما حينما أصر على أنه انتصار عظيم .. رغم أن أسباب تراجع العدو كانت معروفة جيدا .. وزعيمكم أيضا ياسيد جلال كان نائما حينما كان يتحدث عن الجيش القوى والقوة العسكرية القاهرة التى ستلقى بالعدو فى البحر .. ثم استيقظ بعد الهزيمة النكراء التى قضت على المستقبل الحقيقى للعرب كما قلنا ليكتشف عدم وجود جيش بالمعنى الصحيح و أن تعيين القادة كان قائما على الثقة والمحسوبية وليس على الخبرة .. وأن القادة كانوا غارقين فى ملذاتهم وشهواتهم .. ابتداء بملاعبة العاهرات والغلمان وانتهاء بـــمباريات كرة القدم !!
^ وكان الزعيم يا سيد جلال أيضا نائما حينما ظن أنه استطاع إقامة مؤسسات حقيقية تحكم الدولة .. ولكنه استيقظ فى أعقاب الهزيمة النكراء ليكتشف أننا نعيش فى دولة مخابرات لا مؤسسات كما تذكر الكتب الناصرية ذاتها .. وكان الزعيم نائما أيضا حينما بادر إلى إعلان الوحدة مع سوريا على غير أساس مدروس .. ثم اكتشف الحقيقة المرة حينما طرد قائد جيشه خائبا ذليلا واضطر القادة إلى تهدئته حينئذ على الطريقة الناصرية .. فأعدوا له مااستطاعوا من صنوف الفرفشة واللهو .. ابتداء بالمسكرات والمخدرات وانتهاء بفاتنة الإغراء والعرى والخلاعة .. أى والله العظيم .. أحضروها إليه فى فيلته لينسى همومه .. حتى استطاعوا أن يوقظوه من غفلته .. فقد كان أكثر رجاله لايستيقظون من غفلتهم إلا على أجساد النساء وهذه الطريقة مروية فى كتبهم !!
^ ولا أريد أن استطرد أكثر من ذلك فى كشف المواقف التى كان الزعيم فيها نائما .. ثم استيقظ بعدها على الحقائق المفجعة واستيقظ معه الشعب كله .. فكل شىء انكشف وبان .. إن توفيق الحكيم ونجيب محفوظ بشر يتأثرون مثل بقية الشعب بالهالات الإعلامية الكاذبة التى صنعت من الهزيمة نصرا ، ومن الأقزام عمالقة .. ولذلك فالذنب يقع أساسا على الذين سخروا الإعلام فى خدمة الطاغية المستبد وزيفوا الواقع .. واللوم يقع على الذين لايريدون أن يتوبوا عن آثامهم ولا عن عيوبهم ويصرون على الترويج لهذا الفكر الشمولى البغيض و ينشرون قصيدة تصف صانع الهزائم والكوارث بأنه آخر الأنبياء .. مع أن ادعاء وترديد مثل هذا الهراء الذى لايستند إلى أى دليل عقلى أو نقلى كفر صريح بشريعة آخر الأنبياء عليه السلام .. ثم إننا ياسيد جلال لم نسمع عن نبى أهان قومه وسامهم سوء العذاب .. ولافرق بين أن يقع هذا التعذيب وتلك الإهانات التى قضت على كرامة شعب وأخلاق أمة .. بيد الزعيم وبعلمه إن كان مستيقظا ساعتها .. أو بيد غيره لو كان ساعتها زعيما نائما .. ما أكثر نوم زعيمكم ياسيد جلال عن ادراك الحقائق الكبرى .. قبل أن ينام نومة الموت .. وما أكثر المرات التى استيقظ زعيمكم فيها على أصوات الهزائم والنكبات بعد خراب مالطة كما يقال .. وربما لذلك يستشعر الناصريون بالحساسية الشديدة من تصوير زعيمهم ( بالبيجامة ) فى أحد الأفلام .. كرمز أراده المخرج للتعبير عن كثرة نوم الزعيم بعد اليقظة واليقظة بعد النوم .. ولماذا يغضب الناصريون وزعيمهم قد خير الرجال فى دولته بين لبس الطرحة أو ارتداء بدلة السجن والإعدام .. وياأيها الناصريون استيقظوا رحمكم الله من غفلتكم قبل أن يدركم الموت ولات حين مناص !!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
بقلم : محمد شعبان الموجى
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق