منهج الزنادقة ( كمنكري السنة ومن نطلق عليهم تجاوزا القرآنيين ) هو مذهب الذين في قلوبهم زيغ زلذلك فأقرب السماء وأسبها لهذه الفرقة هو أهل الزيغ .. وهو مذهب يعتمد أصحابه على المتشابهات أي الأدلة والنصوص التي تحتمل معان متعددة بعضها يتفق مع المحكم من النصوص وبعضها الآخر يخالف المحكم من النصوص ..
ومذهب الراسخين في العلم هو رد المتشابه من النصوص والأقوال إلى المحكم منها .. نحن نعلم أن القرآن فيه آيات محكمات لايحتمل تفسيرها إلا معنى واحدا وآيات أخرى متشابهات تحمل أكثر من معنى ومنها معان مخالفة للمحكم من الايات ..
وفي السنة أيضا فيها محكم ومتشابه بل وفي نصوص البشر وفي كلام الناس فيه محكم ومتشابه .. أي هناك معان ثابتة ومحكمة وعبارات وكلمات قد تفهم على غير مراد صاحبها فيستغلها الذين في قلوبهم زيغ ويقدمون الاسلام والقرآن والسنة وكلام أهل العلم من خلالها للتضليل والفتنة .. ولذلك تجد بضاعتهم الأيات المتشابهه والأحاديث التي فيها اشكالات والتي تحتمل وجوها عديدة ولها فقه خاص بها .. ويقتبسون بعض العبارات والآراء بعيدا عن سياقها وعن مناهجها .. ثم يخرجون لسانهم للإسلام كأنهم قد أمسكوا عليه زلات .. وحاشا لدين الله قرآن وسنة أن يكون فيه زلات وأخطاء وحاشا لعلماء المسلمين أن يجتمعوا على ضلالة ..
نعم هناك آراء كثيرة للعلماء غير ملزمة إلا لمن يقتنع بها ، وهذه من عظمة هذا الدين وعظمة التراث الاسلامي العظيم .. فكل يؤخذ منه ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم ..
إن اختزال القرآن الكريم في آية أو عدة آيات اجرام في اجرام واختزال السنة في عدة آحاديث مشكلة اجرام في اجرام .. واختزال علم العالم في بعض العبارات التي يمكن تفسيرها على وجوه عدة دون ردها الى المحكم من أقواله اجرام في اجرام .
أختم كلامي هذا بالإشارة إلى سبب نزول هذه الآية الكريم .. ( هوالذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات .. فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ماتشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ومايعلم تأويله إلا الله .) ... حينما جاء وفد نجران إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاحتجوا على رسول الله بأن القرآن قد نزل يؤيد ألهية المسيح لأنه وصفه بأنه كلمة الله وروح منه وأنه يحيي الموتى ، وغير ذلك فنودي عليهم بأن ما تعلقوا به تعلق اشتباه وسوء تأويل .. لأن القرآن الكريم قد حسم المسألة في المحكم من الآيات التي لاتحتمل وجها آخر .
أما لماذا نزل من القرآن ماهو محكم وماهو متشابه فالحكمة فيه عظيمة .. فحتى يظل الجدال وتظل القضايا حية لاتموت .. فوجود الذين في قلوبهم زيغ يخدم القرآن وقضايا الإيمان على عكس ما يرمون إليه .. فلولا اثارة هذه الشبهات لماتت النصوص كما ماتت نصوص الكتب السابقة .. بالإضافة إلى أن استعمال المجاز هو اساس المعجزة القرآنية البلاغية .
محمد شعبان الموجي
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق